Wednesday, July 2, 2008

بحلم بدقّية بامية باللحم الضاني


بحلم بدقّية بامية باللحم الضاني
***

نعم، هذا هو حلمي، فمن سمات الأحلام أن تكون صعبة المنال. ويحلم عجوز آخر مثلي بأن تعود الأخلاق، فقد فسدت الأخلاق حتى علماء الأزهر لم يعد لديهم أخلاق. هذا حلم أزهري تجاوز الستين وسعيدٌ بإبنه الذي يعمل بائعا بعد حصوله على العالمية الأزهرية. ويحلم شاب في منتصف العمر أن يكون ابنه لاعب كرة. هو نفسه لم يحقق حلمه بأن يكون أستاذا جامعيا رغم أنه كان أول دفعته. ويحلم ابن الصحفي بهجت قمر أن يكون صحفيا. ويرى الصحفي ياسر، الذي نوهت منى الشاذلي عن حكمته وذكائه في بداية الحوار، أن الأحلام فردية ولا يوجد أحلام جمعية أو أحلام أمة ودليله على ذلك أن السد العالى كان حلما شخصيا لعبد الناصر ولم يكن حلم الأمة كما ادعى المغني عبد الحليم حافظ. وقالت نوارة نجم أن الشعب المصري بالغ الحكمة والذكاء ولذا فهو لا يحلم لأنه بحكمته وذكائه تيقن بأن أحلامة لن تتحقق وأجهضت منى الشاذلي حلم نوارة نجم في الكلام وذهبت إلى فاصل إعلاني.

يوم الأحد الماضي 28 يونيو 2008 حضرت حفل كتاب "الطلبة والسياسة"، رسالة الدكتوراة لأحمد عبد الله رزة الذي ترجمته الكاتبة الثائرة إكرام يوسف إلى العربية. اعترض أحد الحاضرين على قول الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بأن أحلام جيل 68 قد أجهضت. كان المعترض من هذا الجيل الذي ثار بعد هزيمة يونيو 1967، فهو لا يزال يحلم ولم يتوقف حتى الآن عن الحلم. وتنازلت المذيعة الرائعة منى الشاذلى عن دورها المهني وتحدثت عن حلمها وهو أن تكون نافعة، فقط نافعة للناس فهي لم تحدد في حلمها كيف تكون نافعة. ولما كان أكذب الشعر أجمله فقد قال الشاعر محمد بهجت قمر "وقد حققت حلمك" وأضاف الصحفي ياسر "وقابلت الرئيس بوش" بينما ظلت نوارة نجم صامته، ولم تخجل منى الشاذلي كعادتها من المديح وقالت بأنه لا زال أمامها الكثير من الأحلام فلم تتوقف عن الحلم.

وسألت أحد الأطفال وكنا نتناول طعام الغذاء "تحب تطلع إيه لما تكبر؟" فرد بثقه وإصرار "أحب أطلع على التربيزة" ولما كان في مستطاعي أن أحقق حلمه فقد حملته إلى جانب طاجن البامية باللحم الضاني ليشاركنى أجمل وجبة.


عزت هلال


Sunday, June 22, 2008

أحمد عبد الله رزة وشباب الإنترنت


أحمد عبد الله رزة وشباب الإنترنت
***


احتفل أصدقاء الدكتور أحمد عبد الله رزة أمس الجمعة 20 /6 / 2008 بذكراه الثانية تحت عنوان "الحركة الشبابية والطلابية 1968 ؛ 2008 بمناسبة مرور اربعون عام". لقد عكس اختيار المكان وعنوان الإحتفال ذكاء النخبة التي عاصرت أحمد عبد الله رزة وشاركت انتفاضة الطلبة منذ أربعين عاما. فالمكان هو مركز الجيل للدراسات الشبابية الذي أنشأه أحمد عبد الله رزه ويمثل إصرار جيله على مواصلة صناعة المستقبل بكل ما هو متاح، دون عناء البحث وإيجاد ما هو غير متاح. وهو نفس الإصرار الذي دفع منظموا الإحتفالية لتخصيص مساحة كبيرة من الإحتفالية لشباب 2008 من المدونين وطلاب الجامعات. فهل حركة الشباب وانتفاضة 6 أبريل داعبت خيال جيل أحمد عبد الله بعودة أجواء الحركة الإحتجاجية بعد هزيمة يونيو 1967؟ هذا ما عبر عنه أحد الشباب عندما قال "أنتم تقتلون أحمد عبد الله رزة ولا تُحْيوه ... لو كان بيننا لتحدث عن المستقبل فحديث الذكريات يعرفه أصدقائه ويقرأ عنه الشباب ... أما المستقبل فهو ما نريد أن نعرفه". كانت كلمات هذا الشاب، الذي بدء كلامه بأنه ليس مدونا وليس وليس ..، معبرة عن نوايا داخلية لجيل النخبة المهزوم، لم تعبر عنها كلماتهم ولا كلمات جيل الشباب التائة بين تكنولوجيا المعلومات وهزيمة داخلية توارثها من جيل النخبة التى ثارت بعد هزيمة يونيو.

***
تكونت الإحتفالية من أربعة جلسات الأولى بعنوان "حول الفكر الاجتماعى" والثانية بعنوان "حركة 1968 فى مصر والعالم" والثالثة بعنوان "شباب ومدونى 2008" والرابعة حفل غنائي للفنان وجيه عزيز.

كانت الحلقة الأولى والحلقة الثانية مباراة تنظيرية من جيل انتفاضة 1968 تتخللها مندبة لأصدقاء أحمد عبد الله رزة. إلا أنه من هذه النخبة علت أصوات من القاعة تقول أن شباب منظمة الشباب هم المحرك الأساسي لحركات الرفض والمقاومة بعد هزيمة 1967 وإلى بدايات السبيعينات - وأنه على حد قول الدكتورة منى لم تكن الحركة كلها يسارية بل كانت هناك مشاركات من التيار الديني. منظمة الشباب، أنشأها نظام عبد الناصر للتثقيف السياسي وإعداد القادة السياسيين. وكوادرها من الشباب هم أول من ثاروا على عبد النصر في 68 ورفضوا أحكام قادة الطيران ورأو أنها تَنَصُل من القيادة السياسية عن مسئوليتها في هزيمة 67. لم تكن إنتفاضة الطلاب في 68 وفي بداية السبعينات وقبل انتفاضة 18 و 19 يناير 77 بسبب الغلاء أو البطالة أو رغيف الخبر ولكنها كانت رفضا للهزيمة التي منى بها عبد الناصر ومقاومة سياسية الإستسلام التي قادها الرئيس أنور السادات. إلا أن التنظيريين أفادونا بأن إنتفاضة الطلبة في 68 لم تكن قاصرة على مصر بل كانت ظاهرة عالمية. وهذا ما يقال الآن بأن ظاهرة الغلاء ظاهرة عالمية والفيس بوك ظاهرة عالمية، والمجتمع المدني وحقوق الإنسان صنعتها العولمة! واستطاع أنور السادات خاصة بعد أكتوبر 1973 أن يسيطر على الحركة السياسية ويحول النخبة والقادة السياسيين إلى أوتوقراط وأكاديميين من أمثال الدكتور أحمد عبد الله رزة والدكتور نادر فرجاني وغيرهما من النخب السياسية زمن الهزيمة. واكتفى رزة ومعه بعض نخب 68 بالإبداع الإجتماعي واكتفى آخرون بالتنظير وكتابة المقالات وتأليف الكتب في زمن لا يعرف شبابه القراءة، وغاب العمل السياسيى عن الساحة ليظهر جيل المدونات مفصولا عن جذوره مستسلما لثقافة الهزيمة. وهذا ما عبرت عنه الحلقة الثالثة من خلال كلمات شباب 2008.

***
ليس صحيحا أن حركة شباب الفيس بوك إحياءا لحركة الطلبة في 68. فالذي حرك شباب 68 هو موقف سياسي ورؤية تغيب عن شباب 2008. فقد مات الدكتور زكي نجيب محمود ويوسف أدريس وغيرهما من الأساتذة الذين أثْروا الحياة الثقافية والسياسية بالإضافة إلى منظومة عبد الناصر الوطنية التي عمقت الوعي السياسي والإنتماء للوطن. وكان نتاج ذلك شباب 68 الذي انسحب بعد ذلك من الحركة السياسية وخلت الساحة للعولمة، تُشكل فيها شباب الفيس بوك من خلال كافة وسائل الإعلام التي تسيطر عليها بما فيها المدونات والفيس بوك. فتحرك هؤلاء الشباب بدون رؤى سياسية حتى أن أحد الطلاب الجامعيين قال "مفيش مانع نسلم العميد مطالبنا الستة ويحفظها في درج مكتبة ونسلمها له في المرة القادمة ليستجيب للمطلب الأول ومرة ثالثة ورابعة ليستجييب للمطلب الثاني وهكذا ..." هذه الوالدية التي ترى في المسئول والد يحتاج إلى الإلحاح في المطالبة لن تؤدي إلى حل للمشكلات المزمنة في مجتمع سلبت إرادته ووعيه وشاعت فيه الفردية. وشاب آخر لخص مطالب الشباب في أربعة مطالب كزيادة المرتبات ووقف الغلاء وتوفير المساكن ووقف تصدير الغاز لإسرائيل. وليس عليه أن يفكر فيما إذا كانت الحكومة قادرة على تنفيذ مطالبه بنفس سياساتها أم لا؟ ولا يشغل باله كون أن المتسبب في المشكلة هو المطلوب منه حلها؟ نفس العلاقة الوالدية ... لقد فرح موظفو الضرائب العقارية، الذين اعتصموا قرابة الشهر أمام رئاسة الوزراء، بقانون الضرائب العقارية الجديد لأنه سيزيد مرتباتهم ولم يهتموا بتأثير ذلك على ممولي الضرائب العقارية. ولن تكتسب حركة الفيس بوك فعالية التغيير بهذه الأفكار حتى وإن خرجت من الفضاء الإفتراضي إلى الواقع.

لست متشائما، ولكنني آمل أن نعي كلمات الشاب الذي طالب النخبة برؤى للمستقبل فيتخلى النخبة عن الأوتوقراطية والأكاديمية ويتحولون إلى سياسيين وقدوة تضع حلولا سياسية ورؤى نهضوية يلتف حولها شباب الفيس بوك.

***
وأخيرا لم أتحمل الجلوس كثيرا على المقعد الخشبي لأستمع إلى المزيد من أغاني الفنان الجميل وجيه عزيز وأستمتع بها.

عزت هلال

Tuesday, May 20, 2008

للبيت رب يحميه


للبيت رب يحميه

قرأت مقالة الكاتب والباحث الإسلامي محمد أسعد بيوض التميمي بعنوان (في فقه المعركة). وإزاء مثل هذه المقالات لباحث إسلامي قدير مثل محمد أسعد بيوض التميمي، إبن المجاهد العظيم إمام المسجد الأقصى ومؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، يرحمه الله، يقف الإنسان حائرا بين القبول والرفض. يتخلل النسيج الرائع من التحليل والتنقيب بعض البقع التي تشعر أنها محشورة حشرا في نسيج ناصع البياض. يرفض الكاتب ألفاظا مثل المقاومة والكفاح والنضال ويستبدلها بلفظ الجهاد. ويبرر ذلك بأن اللفظ دال على العقيدة والدافع على الحركة. فمصطلح ومفهوم المقاومة لا ينبثق عن عقيدة محددة وهو ليس مصطلحا ومفهوما إسلاميا وقد يكون من أهداف المقاومة، مقاومة الإسلام فالمشركون في مكة المكرمة قاوموا الإسلام. وعدّ الباحث مثل هذه المفاهيم والمصطلحات تنتمي إلى إيدلوجيات معادية ومناقضة للإسلام. ويرى أنه من المستحيل أن نقول كفاح ونضال ومقاومة في سبيل الله لأن ذلك غير جائز شرعا وتبديل لكلام الله وغير منسجمة مع كلمات وألفاظ وتعابير الفرآن الربانية المنزلة من عند الله رب العالمين. وبعيدا عن العداء والتناقض مع الإسلام فالألفاظ تعطي الحركة والسلوك المعبرة عنه بعدا أيدلوجيا ونفسيا. وهذه نقطة إتفاق وقد سمعت الشيخ تاج الدين الهلالي في خطبة الجمعة الماضية يدعو الناس لإستبدال كلمة إستعمار بكلمة أصح هي إستدمار. فكلمة إستعمار من الإعمار وما جاء المحتلون للإعمار ولكن للدمار.

الجهاد ليس واجبا أو فرضا بل هو ركن من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا به. ويقول الباحث محمد التميمي أن الجهاد فرض عين في حالة جهاد الدفع وفرض كفاية في حالة جهاد الطلب. جهاد الدفع هو الجهاد لرد العدوان وجهاد الطلب هو نشر الإسلام والدعوة. ويقول الكاتب أن الجهاد يكون بالمال والنفس ولكنه يكون دائماً وفي جميع الأحوال له معنى واحد ووحيد وهو القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض. ويستشهد الكاتب ضمن ما يستشهد به بالآية الكريمة ( فلا تُطع الكافرين وجاهدهُم به جهاداً كبيراً) من سورة الفرقان (والفرقان هو القرآن) الآية 52. وهذه الآية تقول أن جهاد الكفار يكون بالقرآن (به). وهذا جهاد ليس فيه قتال. وهذا هو جهاد الطلب أي جهاد الكلمة والقدوة والسلوك الطيب. وهذا النوع من الجهاد هو أيضا فرض عين فكل المسلمون مطالبون بالدعوة ونشر كلمة الله من خلال فعل الخير والكلمة الطيبة، كل حسب قدرته. وفي حالة العدوان كما هو الحال في فلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا ولبنان ومصر وغيرها في أي بقعة من بقاع الأرض فالجهاد لدفع ذلك العدوان فرض على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض. ويحضرني قول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد إحتلال العصابة الصهيونية لأرض سيناء، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. فهل معنى ذلك أن يحمل كل المسلمون السلاح لقتال المعتدي؟ حمل السلاح ما هو إلا المظهر الخارجي للقتال وليس كل الجيوش مقاتلون بل يوجد أطباء ومهندسون وباحثون وغير ذلك. فمعنى ألا صوت يعلوا فوق صوت المعركة هو توظيف جميع الموارد لخدمة جهاد دفع العدوان. وعلى ذلك فحال المسلم كله لله سواء كان دفعا لظلم وقع عليه أو طلبا لخير يسعى إليه.

ونأتي إلى القول الفصل الذي دفعني لكتابة هذه الرسالة. يقول أخي محمد التميمي: فالمعركة معركة كفر وإيمان,فهيِ معركة الجمع المؤمن الموحد لله رب العالمين ضد الجمع الكافر بجميع أشكاله ومُسمياته وعناوينه وأطيافه وألوانه وراياته. وفي موضع آخر يقسم البشر إلى فسطاطين، قسمين متحاربين دوما، المؤمنون في جانب والكفار والمنافقين في جانب آخر. الجهاد يجب أن يكون حقا في سبيل الله وهذا ما أراه فلماذا أستبعد المخالفين لي في العقيدة من المعركة وأقصرها فقط على المعتدين؟ نحن نصف من يموت دفاعا عن ماله أو عرضه أو بيته بالشهيد. أي أن قتاله دفاعا عن نفسه هو جهاد في سبيل الله. وتتداعي رواية عبد المطلب جد الرسول علية الصلاة والسلام مع أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة في عام الفيل، العام الذي ولد فيه رسول الهدى.

جاء أبرهة بجيش كبير ومعه أفيال لهدم الكعبة المشرفة وأقام عند أطراف مكة المكرمة. واستولى على إبل أهل مكة ليطعم جيشه. فجائه عبد المطلب زعيم قريش يطالبه بالإبل. فتعجب أبرهة من أمر ذلك الرجل الذي لم يدافع عن بيت الله الذي يحج إليه كل العرب ويقدسونة ويدافع عن إبل قومه الأقل شأنا من البيت المعظم. فقال عبد المطلب قولته المشهورة: أنا رب الإبل، أما البيت فله رب يحميه. وقد حمى الله بيته وأرسل للمعتدين طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل. وتناقلت العرب هذه المعجزة التي سبقت مولد الهدى الذي جاء برسالة تؤكد هذا المبدأ (إن للبيت رب يحميه) وبيّن أن الله لم يمنح أحدا توكيلات بالتصرف في شئونه فليس الله قاصرا حتى يتولى شؤونة بشر. فكيف للضعيف أن يدافع عن القوى. الله سبحانه وتعالى هو الذي يدافع عن اللذين آمنوا. حمايتي للإبل هي في سبيل الله، درء الظلم عن المظلومين هو جهاد في سبيل الله. الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة هي جهاد في سبيل الله. إماطة الأذى عن الطريق هي أيضا في سبيل الله وهكذا كل الأعمال التي تنشر الخير هي في سبيل الله. أما قتال المخالفين لي في العقيدة فهو مخالف لسنة الله في الأرض. فقد خلق الله البشر مختلفين إلى أن تقوم الساعة، ولا يزالون مختلفين.

عزت هـــلال

نشــرها [Ezzat A. Helal] بتــاريخ: [2007/08/18]
http://www.misrians.com/article.php?actCode=ARTICLE.SHOW[464]

Thursday, May 15, 2008

التغريب والترهيب


التغريب والترهيب

كنت في المطار الجديد مع أحد أقاربي الشباب في استقبال والده ... تجاذبنا الحديث:

قلت: انظر إلى هذه اللافتات المضيئة ...
قال: هي لشركات سياحية.
قلت: إقرأ أسمائها الإنجليزية.
قال (الطالب في الثانوية العامة): ليست مقررة علينا!
قلت: هي مقررة على كل الشعب المصري!

اللافتات لأسماء شركات سياحية مكتوبة بالحروف الإنجليزية وفوقها نفس الأسماء بالحروف العربية ... قلت له إقرأ الأسماء الإنجليزية ... فقرأ الطالب بأحد مدار س اللغات المنتشرة للطبقة المتوسطة كطفل يتعلم القرائة ...

fast tours
half moon tours
paradise tours

وغيرها كثير ...

قلت والآن جاء دور الأسماء العربية ... فقرأ بطلاقة لسان طالب الثانوية العامة:

فاست للسياحة
هاف مون للسياحة
بارادايس للسياحة

وهكذا فالكلمة العربية الوحيدة هي (للسياحة) وباقي الأسماء هي مجرد نطق أسماء إنجليزية بحروف عربية ...

هذه يا بني هي ثقافة الهزيمة حيث نستخدم لغة المنتصر ونهجر لغتنا. والكارثة تكمن في أن هذا المظهر إنما هو تعبير عن إحساس بالدونية تجاه المنتصر وتكريس قبول الأمر الواقع وإيثار السلامة وربما قناعة داخلية بأن محاكاة هذا المنتصر والتشبه به والتمسك بثقافته هو السبيل الوحيد للنهوض وتجاوز الهزيمة. وأتذكر قول أحد أصدقائي من الحكماء: تصور أنك تمتلك سيارة سيات تقودها في بداية الطريق الصحرواي إلى الإسكندرية في سباق مع صديقك الذي يمتلك سيارة مرسيدس ويسبقك بقرابة ربع المسافة إذا جاز لنا أن نكون متفائلين وأنه قد تم إلغاء حد السرعة، المائة كليومتر في الساعة. فهل تتصور أنك سوف تصل إلى الإسكندرية قبله. الإجابة لا تحتاج إلى عناء تفكير ... قطعا المرسيدس سوف تصل قبل السيات. قد تقول لكي أصل قبله يجب أن أقود سيارة مرسيدس مثله. ولكنك واهم، حتى إذا افترضنا أنك تساوية في مهارة القيادة وهذا غير وارد فهو يملك خبرة قيادة المرسيدس التي لا تملكها أنت. وعلى ذلك فإنك لن تستطيع اللحاق به إذا استخدمت نفس وسائله لأنه على الأقل يسبقك. والسبيل الوحيد للحاق به أو الوصول قبله إلى الأسكندرية هو أن تقتني سيارة تفوق قوة محركها السيارة التي يقتنيها صديقك اللدود الذي سيتمسك بسبقه ولن يسمح لك بالتفوق عليه.

وعلى بعد خطوات ليست بالبعيدة تظهر لافتة لشركة سياحية، على استحياء، تحمل إسم النخيل للسياحة. قلت لصديقى الشاب إقرأ الإسم الإنجليزي لهذه الشركة البعيدة ... قرأ الشاب بصوت فرح:

Al-Nakheel Tours

سألته: أرى أنك فرحت عندما قرأت إسم هذه الشركة! لماذا؟
أجاب: فرحت لأن صاحب هذه الشركة تمسك بلغتنا العربية ولم يقل مثلا:

Palm Tours

وأنا كذلك فرحت مع فرح صديقي الشاب وقلت: صاحب هذه الشركة اختار المقاومة مثل حماس والجهاد وحزب الله والقليل من المنظمات. فنحن جميعا أمام خيارين لا ثالث لهما إما قبول الهزيمة وإما مقاومتها. والمقاومة تتراوح وسائلها من أعظمها وأجلها وهي المقاومة بالسلاح إلى أوهنها وأضعفها وهي التمسك بهويتنا ونبذ روح الإنهزامية وهذا ما فعله أصحاب شركة النخيل للسياحة.

تدخل في الحديث رجلا كان يجلس بجواري قائلا:

كتابة اللافتات باللغة الإنجليزية ليس له كل الدلالات الخيالية التي أسقطها قهرا على الموضوع. ببساطة شديدة، اللافتات الإنجليزية موجهة للسياح وليست موجهة إلى المواطن المصري الذي يتحدث العربية.

وجهة نظر تستحق الدراسة ... وهل السياح يقرئون الحروف العربية؟ وهل السياحة تقتصر على من يتحدثون الإنجليزية؟ فالكثير من السياح ألمان وفرنسيين وأسبان وروس ومن كافة دول العالم ... ربما تكون اللغة الإنجليزية تتمتع بمكانة عالمية لا نستطيع أن ننكرها ... ولكن ألا يصاحب السياح عادة مرشد مصري يقوم عادة بدور الوسيط بين الفوج السياحي والجهات المعنية من وكلاء سياحة وتأجير سيارات وغير ذلك من الجهات. وهل هذه المكاتب السياحية الموجودة في المطار يتعامل معها السياح من الأساس؟ وهل يصعب على السائح أن يعرف أن النخيل للسياحة هي شركة سياحية كما يعرف أن بنك مصر هو بنك.

قال الرجل بلهجة حاسمة: أنا عمري 70 سنة ولا آخذ العلاوة التي قررها حسني مبارك لأصحاب المعاشات فليس لي معاش ولكنني أحب هذا الرجل بسبب حكمتة التي تجنب مصر الحروب وتحفظ مصر من الإنهيار ويسلك طريق التعمير والرخاء لشعب مصر ويجبر الأغنياء على إقامة المشروعات التي ... وقبل أن يسترسل صاحبي العجوز في الإسطوانة المشروخة التي مللنا سماعها، قاطعته: مهلا يا أخي فأنا مثلك على المعاش وزاد معاشي مائة جنية (20% بحد أعلى 100 جنيه) وزاد سعر بنزين سيارتي 100 جنيه في المتوسط شهريا (35% بدون حد أعلى) وزادت ضريبة سيارتي السنوية من 25 جنيه إلى 175 جنيه أي 700% بدون حد أعلى كما زادت جميع السلع التي أشتريها والخدمات التي أحتاجها، واحفظ عن ظهر قلب ما تود أن تقوله واسمح لي بسؤال: هل توافق على تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بسعر أقل من سعره. أجاب صديقي الجديد، الذي لا أعرف اسمه، بلهجة حاسمة ليس فيها أي شبهة تردد: لا أوافق على تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل أصلا. وهنا سألته: هل يعلم رئيسنا محمد حسني مبارك بصفقة الغاز مع إسرائيل؟ قال بثقة: قطعا لا يعرف! قلت: إن لم يكن يعلم فالمصيبة أعظم يا صديقي. قال بشيء من التردد: إنه يعالج الأمور بحكمة حتى لا نتعرض لويلات الحروب مع أكبر قوة في العالم.

وماذا يفعل المحتل إلا أن يسرق ثرواتنا الطبيعية من غاز وماء ويؤجج الفتن الطائفية ويفسد التعليم والجامعات ويبور أرضنا الزراعية ويعتقل الوطنيين ويعذبهم و...

الدلائل واضحة وضوح الشمس ...

فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ... (سورة البقرة - آية 258)


عزت هلال


بتــاريخ: [2008/05/12]

Saturday, April 26, 2008

هل نجحت حملة حماية؟


هل نجحت حملة حماية؟
***


أطلق الداعية الإسلامي عمرو خالد حملة لتشجيع علاج الإدمان في الوطن العربي وفي حفل ختام الحملة أعلن أن الحملة نجحت. وقال إن المستهدف من الحملة كان لصق مليون استيكر ووصلنا إلى "3 ملايين" وكان المستهدف من الإنشطة "5 آلاف" ووصلنا إلى "50 ألف نشاط"، وكان المستهدف أن يبدأ 5 آلاف مدمن برنامج العلاج.. واليوم ومع انتهاء الحملة بلغ عدد المدمنين الذين وقعوا استمارات طلب العلاج 7200 مدمن من الذكور والإناث. (راجع موقع محيط )

وقد أعلن الداعية النجم في بداية الحملة عن ثلاثة أهداف:

1- لصق مليون ملصق عن الحملة.
2- تفعيل 5 آلاف نشاط للحملة.
3- بدء علاج 5 آلاف مدمن.

ولما كان النجاح يقاس بما تحقق من الأهداف فقد أعلن الأستاذ عمرو خالد نجاح الحملة .. فلغة الأرقام لا تكذب على شعوب أمية لا تعرف القراء. وعلينا أن نعيد قراءة الأرقام من جديد حتى نتأكد بأن المحاسب عمرو خالد لم يخدعنا بأرقامة.

الأهداف الثلاثة التي أعلنها الداعية الشاب هي كذبة أطلقها الداعية الإسلامي، أو على أقل تقدير وبفرض حسن النوايا، هي جهل. فلا يمكن أن نعتبر الإعلان عن منتج هدف من ضمن الأهداف. فالهدفان، الأول والثاني، لا يمكن أن نعتبرهما هدفين بل تكاليف تدخل في جانب المدين، ذلك في علم المحاسبة الذي ربما يتقنه المحاسب عمرو خالد. فإذا زاد عدد الملصقات عن مليون ملصق ليصل إلى ثلاثة ملايين فإن ذلك يعني خسارة تساوي ضعفي المخطط للتكلفة تحت هذا البند (بند الملصقات). وكذا عندما يزيد عدد الأنشطة ليصبح 50 ألف نشاط فهذا يضيف إلى الخسارة عشرة أضعاف المخطط من تكلفة الحملة في هذا البند (بند الأنشطة الدعائية). أما الهدف الثالث وهو بدء علاج 5 آلاف مدمن فهو الهدف الوحيد (المنتج الوحيد للحملة). فماذا قال عمرو خالد عن نجاحة في تحقيق هذا الهدف الوحيد لبدء علاج خمسة آلاف مدمن؟ قال أنه تلقى طلبات من 7200 مدمن. إنه، أي الداعية الإسلامي، يتحدث عن طلبات للعلاج، ليخدعنا مرة آخرى.

فما عدد من بدئوا العلاج بالفعل؟ سمعت السيد عمرو خالد يقول للإعلامي أحمد المسلماني، في طبعته الأولى، أن من بدء العلاج يصل إلى 1600 وفي غمرة تهليل الإعلامي الرائع أحمد المسلماني للنجاح .. ضاع هذا الرقم الذي يمثل أقل من ثلث المستهدف! وقال لي أحد أصدقائي أنه سمع أن من بدء العلاج بالفعل هم 1000 وليس 1600 أي خُمس المستهدف. وبحثت عن رقم من بدئوا العلاج على شبكة الإنترنت ولكنني لم أجد أي موقع يتحدث عن هذا المؤشر الذي أظن أنه مؤشر من مؤشرات النجاح المهمة. ولم يقل لنا المحاسب الذي يتقن لعبة الأرقام: هل هذا الرقم في مصر وحدها أم في العالم العربي أجمع؟ وكم نسبة من يتلقون العلاج بالمجان مقارنة بمن يدفعون الثمن الباهظ لعلاج الإدمان؟ وما هي النسبة الطبيعية للتردد على مستشفيات علاج الإدمان قبل البدء بالحملة لكي نحسب عدد من أضافتهم الحملة؟


فهل نجحت حملة عمرو خالد التي شارك فيها الأمم المتحدة وشرطة دبي والعديد من المواقع على الإنترنت والعديد من وسائل الإعلام العربية وشباب مصر المهووس بعمر خالد؟ كل هذا في الوقت الذي يثور فيه شباب مصر من سوء ما وصل إليه ويدعوا إلى مظاهرات سلمية لعلاج مشكلاته من بطالة وفقر ومرض وعنوسة و ...


***

عندما بدئت الحملة لفت نظري الشعار الجميل للحملة - اليد الحمراء (أوقف المخدرات) ورائها التفاحة الخضراء (غير حياتك) وتحتها جملة إنجليزية إستوقفتي، أنا الذي لم يتلقى تعليمه في مدارس أجنبية، لأتسائل هل الحملة موجهة للعالم العربي الذي يتحدث اللغة العربية أم الشباب الأجنبي الذي يعيش في العالم العربي ولا يعرف العربية؟ أم هي منظرة لا تليق بداعية إسلامي! وقد ذكرتني بداعية إسلامي جميل إسمه مبروك يحشر في دعوته الكثير من المفردات الإنجليزية حتى يفهم مريدية. وفي نهاية الحملة الناجحة يحق لي أن أتسائل كم عدد المتحدثين بالإنجليزية الذين بدئوا العلاج من إحمالي الألف مدمن الذي أعلن عنهم عمرو خالد؟

يقول الداعية عمرو خالد:

(لأن المشكلة أكبر منهم، طب الموضوع محتاج إيه؟ محتاج إن الناس تتحرك، محتاج أنتم وأنا، محتاج الشباب يقول: "احنا لازم نشارك في حل الموضوه ده"... ومن هنا جت فكرة حملة "حماية".)

نعم المشكلة يا أستاذ عمرو أكبر من الجهات الرسمية التي لم تستطع حتى أن تقضي على الأمية رغم الملايين التي ينفقونها لمحاربة الأمية.

ويقول الأستاذ عمرو:

(الجهات اللي شغاله في الموضوع ده سواء حكومات، شرطة، أو وزارات صحة، أو جهات توعية.. كل الجهات دي مش عارفة تحل رغم إنها بتبذل مجهود كبير... ليه؟!)

ليه يا أستاذ عمرو؟ هل عرف الأستاذ عمرو خالد لماذا لا تستطيع هذه الجهات الرسمية أن تحل مشكلة الإدمان وانتشارها بين الشباب؟ وهل استطاع أن يحل أستاذنا الفاضل المشكلة في حملته - حماية؟

كنت في يوم من الأيام مستشارا لنظم المعلومات في هيئة الأبنية التعليمية وسمعت من الخبراء أن مشكلة الأمية في مصر ليست في كبار السن الذين لا يعرفون القراءة والكتابة ولكن المشكلة الحقيقة في الأعداد المتزايدة من المتسربين من التعليم في المراحل الإبتدائية والإعدادية. هذا هو الباب الذي يدخل منه الأميون إلى مجتمعنا ولا تستطيع الحكومة أن تقفل هذا الباب بسبب سياستها التعليمية الفاشلة مثلما هي عاجزة عن محو أمية الكبار .. أو ربما هي راضية عن أمية الكبار والصغار. هل عرفت أستاذنا الفاضل عمرو خالد لماذا تعجز حكوماتنا عن حل مشكلة إنتشار الإدمان بين شبابنا؟ ربما تكون راضية عن وجود أكثر من 4 مليون مدمن كما هي راضية عن مجهوداتك الرائعة وأرقامك الكاذبة ودعاياتك التي تساعدك فيها وسائل إعلامهم. المشكلة يا أستاذ عمرو، حلها الأساسي هو قفل الباب الذي يدخل منه المدمنون قبل أن نعالج المدمنين .. فالداخل إلى عالم الإدمان أكثر من الخارج منه. وهذه معركة لا يمكن أن يشارك فيها الداعية الإسلامي الكبير عمرو خالد. ربما لأنها غير منصوص عليها في التوصيف الوظيفي للدعاة الجدد.

أعرف أنني أسبح ضد التيار .. هذا التيار الجارف التي تصب موجاته المتنوعة من دينية وعلمانية - يسارية ويمينية في مجرى واحد هو تخريب مصر ومن حولها من البلدان المنكوبة. فقد أصبحت الخيانة وجة نظر، والعصابات الصهيونية التي سرقت أرض فلسطين دولة شرعية تحميها الأمم المتحدة، وقريبا قد تطالب عصابات المافيا الشهيرة بوطن قومي لها وربما تكتفي بسفارات في البلدان العربية مثل فرسان مالطا الصليبية، وقد أصبحت مقاومة المحتل إرهابا، والخوف الذي تشيعه جهات الأمن أصبح إسمه أمن وأمان، والمد الشعبي وحركات الرفض أصبحت قلة مندسة، والإحتلال أصبح شرعية دولية، والديموقراطية تساند الديكتاتورية، والإحتكار والفساد أصبح فكر جديد. وفي وسط هذه الفوضى، أصر على السباحة، والغريب أنها سباحة ضد التيار، رغم أنني نسيت السباحة منذ أن ابتعدت عن مدينتي الصغير - المطرية دقهلية - على شاطئ بحير المنزلة في الستينات من القرن الماضي.


عزت هلال


Saturday, April 12, 2008

تداعيات الماضي وبداية السقوط


تداعيات الماضي وبداية السقوط

يتساقط المطر بشدة، صوت الرعد موسيقى تصويرية تشيع الخوف، البرق يشق ظلام السحب الكثيفة على فترات غير منتظمة. أقرأ على بريدي الإلكتروني رسالة مفحمة بالإيمان. العالم كله يتحجب ... سبحان الله. عنوان ملفت للنظر والكاتبة طبيبة نبيلة درست علم الحياة، والجماد أيضا. جولة مع هذه الرحلة الإيمانية قد تزيل وحشة الشتاء في غربة أظنها للإستجمام!


ناقلة المحاضرة تبحث عن الأجر. دخلت أجنبيات إلى الإسلام بسبب هذه المحاضرة، ولعل قارئات الرسالة يدخلن أيضا في الإسلام. فلعل هذه الرسالة تزيل ما أصابني من إحباط سببه إرضاع الكبير وبول الرسول. ويقول الأستاذ أحمد حسنين الحسنية أن معدل التحول عن الإسلام سبعة حالات يوميا مما زاد إحباطي. التحول عن الإسلام في مقال أحمد الحسنية كان رصدا لعام 2001 ونحن الآن في 2007 والأخبار تتواتر عن المعدلات الكبيرة للدخول في الإسلام بسبب مقالات ومحاضرات مثل "العالم كله يتحجب ... سبحان الله".

الجمادات تتحجب. السيف ... يحفظ داخل غمده، والقلم .. بدون غطائه، يجف حبره. صياغة شعرية بديعة فالتأثير الموسيقى مطلوب. فالجمادات لابد لها من غطاء ليحفظها وكأن الغمد أو غطاء القلم ليس بالجمادات. وقد يكون من الأفضل أن أغطي هذا المصباح الذي ينير لي لوحة المفاتيح التي تتنقل عليها أصابعي.

وفي عالم الأحياء، تتحجب الخلية، نباتية كانت أو حيوانية. كل خلية لها حجابها الخاص، فلماذا لا يكون للمرأة حجابها الخاص؟ سؤال وجيه فعلا، أما الأوجه، فلماذا لا يكون للرجل حجابه الخاص؟ ويصور أستاذنا الحسنية الحالة " طمر الرؤوس في الرمال". أليس طمر الرؤوس نوع من الحجاب للرجل والمرأة معا. وهكذا تنتقل محاضرة الطبيبة القادمة من الجزيرة العربية بين الكائنات تحدد الأحجبة التي ترتديها. كل النبات يتحجب. البذرة تتحجب بالتربة، "فالبذرة باطن الأرض خير لها من ظاهرها, كذلك المرأة, إن هي لم تتحجب تجلب السوء لنفسها والعار لأهلها.. ويسود الفساد في الأمة ويصبح باطن الأرض خير لها من ظاهره". الجذر عليها قلنسوة، الساق يغطيها طبقة شمعية، والأوراق أيضا. أما عضو التأنيث في الزهرة فيقع في مركز تحيط به الأوراق الزهرية لتحميها. "فإن كان الله عز وجل قد حافظ على عضو التأنيث في مجرد زهرة ما لنبات ما بهذا الشكل .. أليست أنثى الإنسان هي الأجدر والأولى بهذه الحماية؟ وما سبل هذه الحماية؟ وهل أنتِ مجرد زهرة جميلة؟ ".

يتوقف المطر. وأسمع صوت الطيور على الشجرة. أين اختفت هذه الطيور؟ هل تحجبت؟ انتقل بصري من الطيور إلى السماء الملبدة بالغيوم وسافر عقلي بعيدا إلى بداية السبعينات.

كانت الحركة الطلابية في أواخر الستينات وبداية السبعينات في أوج ازدهارها. كل ألوان الطيف تجمعت في الحرم الجامعي. اليسار كان أقوى ألوان الطيف. يقف على مسرح قاعة الإحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة قادة الطلبة من اليسار. لم أعلم أن هؤلاء الطلبة من الكفار إلا بعد أن شاهدت مجموعة من الطلاب المسلمين يمزقون مجلاتهم بأيديهم وملابسهم وجلودهم بالأسلحة البيضاء. أسرة أبناء الريف بهندسة عين شمس جمعت كل ألوان الطيف. اليسار بفصائلة من الناصريين والماركسيين والشيوعيين واليمين من الوفديين والأحرار والإخوان المسلمين فمن أين جاء هؤلاء المسلمون؟

يأتي الطلبة من المعتقلات. يتحدثون عن عملاء الأمن بينهم. كان ردي: وماذا يضيركم من عملاء الأمن؟ هل أنتم منظمة سرية؟ وماذا ينفع تجنيد بعض الطلبة؟ لم نكن نقوم بعمل سري. لم يكن دعوة الشيخ إمام للغناء عملا سريا؟ لم يكن حتى التجهيز لإعتصام أو تظاهر عملا سريا. كان كل المنابر أو الأحزاب متواجدة ولكنها لم ترفع علما وتعلن عن نفسها. هل هذه هي العلاقة السرية التي يبحث عنها الأمن؟ ولماذا تكون هذه العلاقة سرية؟ وهل هي موجودة فعلا. وهل محظور على الطلاب أن ينتمون إلى الأحزاب؟ وهل نشاط الأحزاب داخل الجامعة محظور؟ أسألة حائرة تعبر عن قصور فهمي لظاهرة تجنيد الأمن لبعض النشطاء. ولكنني كنت مصرا على عدم جدواها. فالحركة علنية ولا يضيرها التقارير الأمنية. لم أكن مؤمنا بوجوب التنظيمات السرية مثل أيماني اليوم بحتمية وجود تنظيمات سرية. ولكن العمل السري لا يغني عن العمل العلني. والعمل العلني لا يضيره عملاء الأمن. ولكن إشاعة وجود عملاء الأمن بين النشطاء يؤثر في العمل العلني ويضعف حركة المعارضة السياسية. هذا ما حدث في بداية السبعينات وما يحدث الآن. العقيد أبو زكري، الإسم الحركي لمسئول الأمن عن جامعة عين شمس، نجح في إشاعة الفرقة بنشر أخبار عملائه المزعومين، ونجح في إجهاض الحركة الطلابية بزرع البلطجية بينهم. وقد إزداد اليوم أبو زكري نضجا. البلطجة ليست فقط عنفا جسديا ولكنه عنفا بالكلمة التي لا تعرف العيب وتتجاوز كل حدود الأدب. وقد كانت للكلمة المكتوبة قدسيتها. ولعل سهولة توصيل الكلمة، كميزة للإنترنت، هو ما دفع بكلمات بذيئة، تقال في الجلسات الخاصة، تنتشر بين عموم الناس فضاعت قدسيتها. وقد نتجاوز عن زلة اللسان مرة، ولكن الإصرار عليها لابد له من وقفة. وليس ذلك إهدار لحرية الكلمة. فاللص والمفسد مكانه السجن ولا مكان هنا لدعوة حرية الإنسان فالمريض يعزل والمجرم يسجن، ولابد للبذائة ألا ترى النور. فليست البذائة رأيا يجب أن يحترم وإن اختلفنا معه. وقد دفع حماس أخونا إلهامي الميرغني إلى قول بعض الكلمات الغير لائقة، ولا أقول البذيئة. ولأنه إنسان محترم فقد تراجع على الفور واعتذر وكان اعتذاره مكرمة له وإعلاءا لشأنه وليس ضعفا أو مهانة. لم تتغير مواقف وأفكار إلهامي الميرغني ولكنه حذف بعض الكلمات الغير لائقة ولا أقول البذيئة مثل تلك الكلمات التي تصر على إيذاء مسامعنا منذ فترة طويلة.

لقد انتشرت المدونات، وهذا من دلائل الصحوة. جميع الشباب، وحتى الأطفال والشيوخ، ينشئون مدونات. المسألة لا تكلف إلا الدخول على الأنترنت من أي قهوة بسعر فنجان شاي. الكلمة نور. ولكن إذا انتقل نداء الميكانيكي على صبية إلى صفحات الإنترنت سريعة الإنتشار، فذلك هو الظلام بعينة. وسادت لغة أولاد الشوارع لتكون هي لغة مثقفوا العصر وحاملوا راية التنويير والجهاد. فبدلا من أن نبني بيوتا لأولاد الشوارع ونهذب سلوكهم نسمح لكلماتهم أن تلوث أسماعنا وننعتهم بالمناضلين والمعارضة التي تهاجم النظام الفاسد. أفكار مبدعة في ثوب مبتذل. لغة خطاب ركيكة يسمونها أحيانا بالحداثة، ويسمون الفحش كسرا للقيود وتمردا على المألوف. وليس حجاب العالم بالكلام الممنوع فضحالة الفكر علاجه مبسور أما الإنحطاط يلزمه أنبياء لم يعد لهم وجود.

عزت هلال

سقَط العَلَمْ

سقَط العَلَمْ

زَعَمُوها حَرْبًا ضِدَّ الإرهابِ
سَمُّوها عَدْلٌ مُطْـلَقْ

تفْتَحُ للفِتْنَةِ أبوابً
كانت عنْهم مُغْلَقَةْ

همٌ يصْنَعُ أسْرابً
وتضلُّ النّفْسَ المُرهَقَةْ

فلْيَنْءَ ذَوي الألبابِ
عَنْ شَمْسٍ باتَتْ مُحْرِقَةْ

جَـوْرٌ يَـصْـنـَعْـهُ، أغـْرابٌ
وتَزِِلُّ الـرُّوحِ المـُخـْفـَقـَةْ

خَـوْفٌ ما لَـهُ أسْـبابٌ
لِحَيَاةِ الغَرْبِ المُـقْـلِـقَـةْ

بَطْشٌ ما لَهُ أترابُ
وتَـمِـيدُ صُـرُوحِ الفَلْـسَـفَةْ

صَدَعٌ حطّم البُنْيانَ
نِتاجُ عقولٍ مُفْرَغَةْ

قُدْسٌ، إحْتَلّهُ غَوْغَاءُ
ونُفوسٌ باتَتْ مُـفْلِسَةْ

دَنَسٌ يُلَوِثُ الأجْوَاءُ
وتِيهُ الصّحَراءِ المُقْفَرَةْ

أين رسالات الأنبياء؟
ورحيق الرحمة المنزلَةْ

عزت هلال
الشاطئ الفضي في 7/10/‏2001

• 7/10/2001 هو تاريخ بداية العدوان الأمريكي على أفغانستان.

واحد فقط

واحد فقط

كنا أربعة … واحد طباخ ماهر .. والثاني مهندس .. والثالث عالم .. والرابع سياسي محنك. وضعوهم في الصحراء. أتَعْرفون ماذا فعلوا؟ لقد ناموا جميعا ماعدا واحد. الواحد هو السياسي. فقد كان هناك عملا. يجب أن يقوم به. هذا العمل هو كتابة خطبة حماسية. يقول فيها. أنه شاهد وحشا هائلا. هذا الوحش يطير في السماء. ينفث دخانا ونارا. تَصَارَع معه. كان يناله بقبضة يده! فقد طال صاحبنا .. وطال. وصل إلى عنان السماء. رأى ما وراء السحاب. ظل ينمق وينمق. ويصور ويصور. أتدرون ماذا فعل بعد ذلك؟ لقد غلبه النعاس … ونام … ثم …
أكلوا جميعا أرزا باللبن … مع الملائكة.

عزت هلال
1969

الحكماء الصغار

الحكماء الصغار

السمكة الكبيرة
قالت لسمكة … قد كدة
تعالي نلعب .. نجري
هنا وهنا
قالتْ .. إنت الكبيرة
كوني رزينة مش كدة
راحت تعيسة مكدرة
وبحزن مالي قلبها
قالت ودمعة في عينها
فسدوا حياتنا بجدهم
خلوني أنسي بوم ما جدي قالنا
نجري ونلعب محدش زينا
دي السعادة شيئ ضروري في بحرنا
عزت هلال
حديقة الحرية - القاهرة
الأربعاء 3/ 5/ 1967

عن علوم الشرع

رسالة حب : عن علوم الشرع

أخي الحبيب حســام
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

على أرض الحب وفي ضيافة الشاعر الجميل طارق المملوك نلتقى، نتحاور ونختلف، ويبقى دائما الود. نفرد شراعنا ونبحر في بحر لجي عالى الأمواج فنظل في حاجة إلى ربان يعرف فن الإبحار، فلا نكون كمن قال عنهم رسولنا الحبيب "فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" فظهرنا، سفينتنا التي نبحر بها، يجب الحفاظ عليها. ومن حسن حظنا أن بيننا ربان يجيد فن الإبحار ويجيد فن الكلام. ومن رأيى أننا لا يجب أن نقف كثيرا عند لفظ التحية، فنحن غير مختلفين وهناك عظائم الأمور التي يجب أن تكون لها الأولوية ويعمل لها ربان سفينتنا ألف حساب فصيغة التحية (تحياتي بالجمع أو تحيتى بالمفرد) لن تغرق السفينة وهناك من الأمور التي أغرقت فعلا السفينة تستحق منا كل الإهتمام.


لم يلحظ أخي السندباد قولي "قول البشر" وربما لاحظه فقال:

رأيت أنه يجب احترام آراؤهم لئلا يجترىء الناس على مهاترتهم أو نقدهم وخصوصا فى هذا الزمن الذى لا تعرف فيه أقدار الرجال كما يجب.

أنا معك يا أخي بعدم مهاترتهم، أما نقدهم فهذا واجب شرعي على كل مسلم ومسلمة. فكل البشر غير معصومين وهذا من ركائز الإسلام التي يستحيل لأي مسلم أن يفرغ الإسلام منها.

وهذه من الأسباب الرئيسية لغرق سفينتنا يا ربان.


الأمر الثاني وأظنه أيضا من أسباب غرق السفينة، فكما جاء في رسالتك:

وظن أن العلم الشرعى يجوز فيه ما يجوز فى علوم الفيزياء والكيمياء من ابتكارات وآراء.

فالعلم هو العلم مهما اختلفت مادة العلم، كيمياء ، فيزياء، بحار، أحياء، جغرافيا، تاريخ، أو شرع. فالعلم كما قال علماء المسلمين، ونقل عنهم علماء الغرب، يرتكز على المنهج العلمي للوصول إلى النتائج من المقدمات والعلم منتج بشري يجوز فيه الخطأ والصواب.


فعلم الشرع يشترك مع علم الفيزياء في كونهما علما أنتجه بشر وليس وحيا من السماء. علم الفيزياء مادته الكون الذي خلقه الله ونتائجه قوانين الفيزياء وعلم الشرع مادته الوحي (كلام الله) ونتائجه قوانين السلوك الإنساني وما يجوز ولا يجوز وما يعاقب عليه ودرجة العقاب.


ودعنا نتفكر في الأقوال التالية:

"العلم قال الله قال رسوله أولا ..."

"فمن المعروف أن العلم الشرعى على اختلاف المذاهب بنى على القرآن والسنة والاجماع والقياس والاستصحاب والعرف"



أقول أن العلم الشرعي مثل باقي العلوم من نتاج البشر، تأتي أحكامه بتطبيق المنهج العلمي في استنباط الحقائق. وتختلف العلوم في مادتها فعلم الكيمياء مادتة المركبات المادية وعلم الأحياء مادته الكائنات الحية وعلم الشرع مادته الوحي.

هذا الوحي، مادة علم الشريعة (أو علم الدين عموما) هو ما أوحى به الله المعبود إلى رسول من الرسل لتبليغه للناس. والمؤمن هو من يصدق أن الرسول تلقى رسالة من الله. والكافر هو من ينكر بلاغ الرسول عن الله. هذه الرسالة التي نقلها الرسول للمؤمنين به هي مادة علم الدين (الشرع). وهنا أتفق مع القول (العلم قال الله قال رسوله أولا) بعد حذف أولا. فقول الله الذي أبلغه لنا رسوله هو أولا وأخيرا كمادة بحث لعلوم الشرع والدين. وفي هذا تتفق جميع الشرائع والأديان إلا أن ديننا الإسلامي يختلف عنها في أن رسولنا الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه هو آخر الرسل وبموته إنقطع الوحي وتمت رسالة الله للبشر. وعلى ذلك فمادة علم الشرع ثابتة لا تتغير وقد اكتملت قبل وفاة الرسول صلوات الله وسلامه عليه فلا تزيد ولا تنقص. هذه المادة الثابتة الكاملة المحكمة هي الدين الإسلامي أما علم الدين الذي ينتجه البشر فليس دينا بل إجتهادا بشري شأنه شأن باقى العلوم. ولا أعتقد أن أحدا من علماء المسلمين يختلف معي في ذلك فالجميع يتفق على أنه إذا اختلف العلماء فيردوا الأمر إلى الله ورسولة، وهذه من الأصول المتفق عليها، ويقولون منا يؤخد ويرد ومن صاحب هذا القبر (الرسول علية الصلاة والسلام) يوخذ ولا يرد. أي أن كلام العلماء علما يؤخذ ويرد ومادة هذا العلم وأصله مأخوذة عن رسول الله الموحي إليه فلا يرد وهو ما يقال عنه بالثوابت فلا يصح أن نضيف إلي تلك الثوابت مصادر أخرى ليست وحيا من الله مثل العرف. والمعروف أن العرف متغير وليس ثابت. فالعرف في البلاد الأوربية يختلف عن العرف في البلاد العربية والعرف في المناطق الصحراوية يختلف عن المناطق الساحلية فالعرف متغير مكاني تحكمه البيئة. ولا شك أننا نعرف أن الإمام الشافعي غير فقهه عندما استقر في مصر عن فقهه وهو في العراق. هذا الفقه ليس جزءا من دين الله فلم يكن يوحى إلى الإمام الشافعي ولكنه كان يستنبط أحكاما شرعية تناسب عرف المكان. ويتغير العرف مع الزمن أيضا فهو متغير زماني يتغير مع الزمن. ولو عاش الإمام الشافعي رضي الله عنه في هذا الزمان لتغير فقهه. ذلك لأن فقهه ليس دينا بل علما. ونفس هذا القول يقال عن الإجماع والقياس فهما ضمن منهج علمي متفق عليه. فالقياس أسلوب للوصل إلى حكم صحيح لتشابهه مع حكم منصوص عليه. أما الإجماع فلفظ لا وجود له في حياة البشر، ولم يحدث مطلقا بدليل وجود مذاهب عدة بينها العديد من الإختلافات، حتى داخل المذهب الواحد تتعدد الآراء والرؤى. ولنا أن نلتزم بالأحكام التي يتوصل إليها فكر الإنسان، ليس لأنها دينا من عند الله بل لأنها إجتهادات بنيت على وحي الله سبحانه وتعالى إلى رسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه. ولا نكون مثل من قال الله عنهم:

"اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون"


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عزت هلال

2007/07/24

زفرة غضب

زفرة غضب

أُفٍ لَكُمْ يا شَعْبُ إِنْ تَوْهَنُوا
أقُــوَّةٌ جَـبّــَارَةٍ، تَـهْرَعـــــــوا؟

أمْ ضَعْفَكُمْ يا قَوْمُ، كي تَرْكَنوا؟
لا، إنَّــهـم أعْداؤنا، فاسْمَعوا

جاءوا لِغَزْوٍ غاشِمٍ فافْهَمُوا
للْحَقِ، لا أصْنامَهُمْ تَرْكَعُوا

كُويتُ ذَلَّـتْ يَوْمَ دانَتْ لَهُمْ
لا تَسْمَعُوا أقْوالَهُمْ بلْ وَعُوا

تَـوَحَّدُوا، تَـكَاتَفُوا تَـسْلَمُوا
للْحَقِّ ذودا وَاثْبَتُوا، تُرْفَعُوا

لا تَـتَـباكُوا لا، فَـأنْـتُـمْ لَهُمْ
إِنْ تُوقِظُوا عُقُولَكُمْ، تُمْنَعُوا

آنَ الأوانُ، فــاجْــمَـعُــوا إرْثَــكُــمْ
منْ مجْدِ ماضٍ لمْ يَمُتْ، فاقْنَعُوا

حَضارةٌ قامَتْ هنا لَمْ تَمُتْ
منْ بَرْبَرٍ، حُــثَـالَةٍ، رَعْرَعوا

إن تنصروا الله به تُنْصَرُواْ
فقاتلوا أعدائَكُمْ تُنْصَروا

كونوا مَعاً فَوْقَ المِحَنْ، أبْصِرُوا
شدُّوا عَليْهم بأسَكمْ، يُقْهَرُوا

عزت هلال
القاهرة في 24/ 3/ 2003

غزو ثقافي؟

غزو ثقافي؟

لم ينتهي عصر النبوة!
لَمْ يَأتِ آخِرَ نَبِيْ!
فَخاتَمُ الرّسُلِ قالَ:
الْحِلْمُ جُزْءٌ مِنْ نُبُوّةْ،
فانْبَرَتْ أجْزاءُ تُعْلِنْ:
جائنا في النوم وَحْيٌ، فاسْمَعوا فَرْضا جَديدا قَدْ نساهُ رَبّنا.
ما جاء في القرآن يَنْسُخْهُ النّبِيْ!
صُمّوا عُقولَكُمْ،
أطيعوا العالِمَ الْفَذّ التّقِيْ،
فالله لم يُكْمِلْ لَكُمْ دينا أتَمّه البخاريْ.

***

سَمّوا بِلادَكُمْ بِأسْماءٍ جَميلَةْ،
فَسعودٌ أصْلُها سَعْدٌ أصابَها كِبَرْ.
ألَمْ تَجِدْ مِما أُثِرْ:
أطِعْ وَليّ الأمْرِ فَرْضًا يا ذَوِى الألبابِ مَهْما كان عَبْدًا حَبَشِيْ.

***

لم ينتهى عصر الطفولةْ، يا بَشَرْ.
مِنَ الْجَزيرَةِ اسْمَعوا كُلّ وَصِيْ.
وَلا تَقُلْ:
مَنْ شاءَ فَلْيُؤمِنْ، وَمَنْ شَاءَ كَفَرْ.

***

تَرْضَوْ كَهانَةْ،
لم يُقِرّها نَبِيْ.
تأتوا أمورا يَنْفِها رَبّ النّبِيْ.

عزت هلال
23/ 6/ 2003

جولة ثقافية

جولة ثقافية

ذهبت إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان معي أحد أقربائي الشبان. هذا الشاب طالب في كلية الهندسة قسم اتصالات. وعلم الإتصالات كما تعلم هو علم العصر فقد انتقلنا من عصر الكمبيوتر إلى عصر الإتصالات، هذا ما قاله بيل جيتز. أشهد أن قريبي هذا متفوقا في دراسته، وأشهد أنه على تُقى ووَرع. وطبعا تعرف أن السمة الغالبة على معرض الكتاب في السنوات القليلية الماضية هو كثرة كتب التراث الديني وكثرة الناشرين في هذا المجال. هذا ليس نقدا ولكنه تسجيل لظاهرة. لاحظت النهم الشديد للشاب على اقتناء كتب التراث والأشرطة والاسطوانات المدمجة عن الإسلام واللوحات الفنية للأدعية والآيات القرآنية. عرضت عليه أن نمر ولو مرورا سريعا على الأقسام التي تضم كتب الكمبيوتر والهندسة.

قال لي: هذه علوم الدنيا، ولنا فيها الكفاية فيما نتلقاه في الكلية.
قلت له متسائلا: أوليست الكتب التي تقتنيها من علوم الدنيا؟
فقال بشكل جازم لا شك فيه: لا هذه علوم الدين، علوم الجنة، خيركم من تعلم القرآن وعلمه (حديث لرسول الله صلوات الله وسلامة عليه).

دار بخيالي ما قرأته عن عالم الفيزياء النووية النظرية، الفيلسوف الألماني هيسنبرج. كان هيسنبرج من أروع عازفي البيانو قبل الإلتحاق بالجامعة. كان كل من حوله يتوقع أن يختار دراسة الموسيقى. فاجئهم هيسنبرج باختياره دراسة الفيزياء النظرية. قالت له والدة أحد أصدقائه تعليقا على اختيارة لمستقبله: إن المجتمع يتشكل باختيارات شبابه فمن يختار الفن يجعل المجتمع أكثر جمالا ومن يختار العلم يجعل المجتمع أكثر نفعا. لم أتذكر نص ما قالته السيدة الألمانية ولكننى تذكرت المعنى الذي قصدته وتسائلت ماذا يكون شكل المجتمع إذا اختار كل شبابنا دراسة القرآن؟

نجحت في إدخال صديقي الشاب إلى خيمة الشعر. ومن عادة الشعراء عندما يلقون قضائدهم أن يقفوا وقفة قصير قبل الكلمة الأخير في البيت. سمعت الشاعر ونحن نتوجه إلى أقرب كرسي وعند وقفته نطقت بالكلمة الأخيرة وإذا بها تكون نفس الكلمة التي قالها الشاعر.

قال صديقى الشاب: هل تحفظ القصيدة؟
قلت له: لا، لم أسمع هذه القصيدة من قبل.
قال: فكيف عرفت الكلمة التي ختم بها البيت؟
قلت: لأنني أحب الشعر، أتدبر معانيه وموسيقاه، فتكون توقعاتي أقرب إلى الحقيقة.
سكت برهة ثم قلت له: هكذا كان يفعل الصحابة بالقرآن الكريم.
وقطعت حديثنا إحدى السيدات بنظرة صارمة، فقد تجاوزنا أدب الاستماع بحديثنا القصير الهامس، وعلينا أن نصمت حتى نستمع جيدا للشعر.

نجحت مرة أخرى في إدخال صديقى الشاب إلى القهوة. فأنا رجل عجوز ومن حقي، بعد هذه الجولة المرهقة، أن أستريح وأشرب فنجانا من القهوة وأسحب نفسا عميقا من سيجارة لأطلقة مرة أخرى .. أوووف. وافق صديقي، على مضض، أن يجلس في مكان يكتظ بالفتيات، بعضهن سافرات بشكل مستفذ، وبعضهن محجبات. وكلهن يشربن الشيشة ويتحدثن في كل شيئ.

قلت لصديقي الشاب: هل تعلم أن داروين أطاع الله سبحانة وتعالي؟
نظر إلى الشاب بسخريه، حاول إخفائها من أدبه الجم وقال: كيف يا عمي؟
قلت: قال الله تعالي "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {20} العنكبوت" وقد سار داروين في الأرض وبحث كيف بدأ الخلق. قد يصيب داروين فيما وصل إليه من نتائج أو قد يخطئ ولكنه أطاع الله.

عزت هلال
4/ 6/ 2003