Tuesday, May 20, 2008

للبيت رب يحميه


للبيت رب يحميه

قرأت مقالة الكاتب والباحث الإسلامي محمد أسعد بيوض التميمي بعنوان (في فقه المعركة). وإزاء مثل هذه المقالات لباحث إسلامي قدير مثل محمد أسعد بيوض التميمي، إبن المجاهد العظيم إمام المسجد الأقصى ومؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، يرحمه الله، يقف الإنسان حائرا بين القبول والرفض. يتخلل النسيج الرائع من التحليل والتنقيب بعض البقع التي تشعر أنها محشورة حشرا في نسيج ناصع البياض. يرفض الكاتب ألفاظا مثل المقاومة والكفاح والنضال ويستبدلها بلفظ الجهاد. ويبرر ذلك بأن اللفظ دال على العقيدة والدافع على الحركة. فمصطلح ومفهوم المقاومة لا ينبثق عن عقيدة محددة وهو ليس مصطلحا ومفهوما إسلاميا وقد يكون من أهداف المقاومة، مقاومة الإسلام فالمشركون في مكة المكرمة قاوموا الإسلام. وعدّ الباحث مثل هذه المفاهيم والمصطلحات تنتمي إلى إيدلوجيات معادية ومناقضة للإسلام. ويرى أنه من المستحيل أن نقول كفاح ونضال ومقاومة في سبيل الله لأن ذلك غير جائز شرعا وتبديل لكلام الله وغير منسجمة مع كلمات وألفاظ وتعابير الفرآن الربانية المنزلة من عند الله رب العالمين. وبعيدا عن العداء والتناقض مع الإسلام فالألفاظ تعطي الحركة والسلوك المعبرة عنه بعدا أيدلوجيا ونفسيا. وهذه نقطة إتفاق وقد سمعت الشيخ تاج الدين الهلالي في خطبة الجمعة الماضية يدعو الناس لإستبدال كلمة إستعمار بكلمة أصح هي إستدمار. فكلمة إستعمار من الإعمار وما جاء المحتلون للإعمار ولكن للدمار.

الجهاد ليس واجبا أو فرضا بل هو ركن من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا به. ويقول الباحث محمد التميمي أن الجهاد فرض عين في حالة جهاد الدفع وفرض كفاية في حالة جهاد الطلب. جهاد الدفع هو الجهاد لرد العدوان وجهاد الطلب هو نشر الإسلام والدعوة. ويقول الكاتب أن الجهاد يكون بالمال والنفس ولكنه يكون دائماً وفي جميع الأحوال له معنى واحد ووحيد وهو القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض. ويستشهد الكاتب ضمن ما يستشهد به بالآية الكريمة ( فلا تُطع الكافرين وجاهدهُم به جهاداً كبيراً) من سورة الفرقان (والفرقان هو القرآن) الآية 52. وهذه الآية تقول أن جهاد الكفار يكون بالقرآن (به). وهذا جهاد ليس فيه قتال. وهذا هو جهاد الطلب أي جهاد الكلمة والقدوة والسلوك الطيب. وهذا النوع من الجهاد هو أيضا فرض عين فكل المسلمون مطالبون بالدعوة ونشر كلمة الله من خلال فعل الخير والكلمة الطيبة، كل حسب قدرته. وفي حالة العدوان كما هو الحال في فلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا ولبنان ومصر وغيرها في أي بقعة من بقاع الأرض فالجهاد لدفع ذلك العدوان فرض على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض. ويحضرني قول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد إحتلال العصابة الصهيونية لأرض سيناء، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. فهل معنى ذلك أن يحمل كل المسلمون السلاح لقتال المعتدي؟ حمل السلاح ما هو إلا المظهر الخارجي للقتال وليس كل الجيوش مقاتلون بل يوجد أطباء ومهندسون وباحثون وغير ذلك. فمعنى ألا صوت يعلوا فوق صوت المعركة هو توظيف جميع الموارد لخدمة جهاد دفع العدوان. وعلى ذلك فحال المسلم كله لله سواء كان دفعا لظلم وقع عليه أو طلبا لخير يسعى إليه.

ونأتي إلى القول الفصل الذي دفعني لكتابة هذه الرسالة. يقول أخي محمد التميمي: فالمعركة معركة كفر وإيمان,فهيِ معركة الجمع المؤمن الموحد لله رب العالمين ضد الجمع الكافر بجميع أشكاله ومُسمياته وعناوينه وأطيافه وألوانه وراياته. وفي موضع آخر يقسم البشر إلى فسطاطين، قسمين متحاربين دوما، المؤمنون في جانب والكفار والمنافقين في جانب آخر. الجهاد يجب أن يكون حقا في سبيل الله وهذا ما أراه فلماذا أستبعد المخالفين لي في العقيدة من المعركة وأقصرها فقط على المعتدين؟ نحن نصف من يموت دفاعا عن ماله أو عرضه أو بيته بالشهيد. أي أن قتاله دفاعا عن نفسه هو جهاد في سبيل الله. وتتداعي رواية عبد المطلب جد الرسول علية الصلاة والسلام مع أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة في عام الفيل، العام الذي ولد فيه رسول الهدى.

جاء أبرهة بجيش كبير ومعه أفيال لهدم الكعبة المشرفة وأقام عند أطراف مكة المكرمة. واستولى على إبل أهل مكة ليطعم جيشه. فجائه عبد المطلب زعيم قريش يطالبه بالإبل. فتعجب أبرهة من أمر ذلك الرجل الذي لم يدافع عن بيت الله الذي يحج إليه كل العرب ويقدسونة ويدافع عن إبل قومه الأقل شأنا من البيت المعظم. فقال عبد المطلب قولته المشهورة: أنا رب الإبل، أما البيت فله رب يحميه. وقد حمى الله بيته وأرسل للمعتدين طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل. وتناقلت العرب هذه المعجزة التي سبقت مولد الهدى الذي جاء برسالة تؤكد هذا المبدأ (إن للبيت رب يحميه) وبيّن أن الله لم يمنح أحدا توكيلات بالتصرف في شئونه فليس الله قاصرا حتى يتولى شؤونة بشر. فكيف للضعيف أن يدافع عن القوى. الله سبحانه وتعالى هو الذي يدافع عن اللذين آمنوا. حمايتي للإبل هي في سبيل الله، درء الظلم عن المظلومين هو جهاد في سبيل الله. الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة هي جهاد في سبيل الله. إماطة الأذى عن الطريق هي أيضا في سبيل الله وهكذا كل الأعمال التي تنشر الخير هي في سبيل الله. أما قتال المخالفين لي في العقيدة فهو مخالف لسنة الله في الأرض. فقد خلق الله البشر مختلفين إلى أن تقوم الساعة، ولا يزالون مختلفين.

عزت هـــلال

نشــرها [Ezzat A. Helal] بتــاريخ: [2007/08/18]
http://www.misrians.com/article.php?actCode=ARTICLE.SHOW[464]

2 comments:

Unknown said...

استاذنا الفاضل

عزت هلال

وحشتنى لماذا لا تزور مدونتى ؟ اتمنى ان تكون بخير ...لى سؤال
لماذا اسمك خواطر بحار ؟
شكرا لك وفى انتظارك

Misrian Bloggers Directory said...


أخي الفاضل حسن
أسعدني مرورك ومعذرة لتأخيري في الرد فأنا لا أمر هنا كثيرا ويبدوا أن هناك طريقة لإبلغي بالتعليقات سأحاول أن أكتشفها. أما خواطر بحار فهي إسم قديم اخترته عنوان لتسجيل خواطري حيث أدعي أنني بحار لم يصل بعد إلى شاطئ يستقر عليه وارتضى بمخاطر الإبحار وسط الأمواج العاتية.

أمر على مدونتيك من آن لأخر وربما لا أقوم بالتعليق فمعذرة مرة أخرى.

تحياتي
عزت هلال