Saturday, April 26, 2008

هل نجحت حملة حماية؟


هل نجحت حملة حماية؟
***


أطلق الداعية الإسلامي عمرو خالد حملة لتشجيع علاج الإدمان في الوطن العربي وفي حفل ختام الحملة أعلن أن الحملة نجحت. وقال إن المستهدف من الحملة كان لصق مليون استيكر ووصلنا إلى "3 ملايين" وكان المستهدف من الإنشطة "5 آلاف" ووصلنا إلى "50 ألف نشاط"، وكان المستهدف أن يبدأ 5 آلاف مدمن برنامج العلاج.. واليوم ومع انتهاء الحملة بلغ عدد المدمنين الذين وقعوا استمارات طلب العلاج 7200 مدمن من الذكور والإناث. (راجع موقع محيط )

وقد أعلن الداعية النجم في بداية الحملة عن ثلاثة أهداف:

1- لصق مليون ملصق عن الحملة.
2- تفعيل 5 آلاف نشاط للحملة.
3- بدء علاج 5 آلاف مدمن.

ولما كان النجاح يقاس بما تحقق من الأهداف فقد أعلن الأستاذ عمرو خالد نجاح الحملة .. فلغة الأرقام لا تكذب على شعوب أمية لا تعرف القراء. وعلينا أن نعيد قراءة الأرقام من جديد حتى نتأكد بأن المحاسب عمرو خالد لم يخدعنا بأرقامة.

الأهداف الثلاثة التي أعلنها الداعية الشاب هي كذبة أطلقها الداعية الإسلامي، أو على أقل تقدير وبفرض حسن النوايا، هي جهل. فلا يمكن أن نعتبر الإعلان عن منتج هدف من ضمن الأهداف. فالهدفان، الأول والثاني، لا يمكن أن نعتبرهما هدفين بل تكاليف تدخل في جانب المدين، ذلك في علم المحاسبة الذي ربما يتقنه المحاسب عمرو خالد. فإذا زاد عدد الملصقات عن مليون ملصق ليصل إلى ثلاثة ملايين فإن ذلك يعني خسارة تساوي ضعفي المخطط للتكلفة تحت هذا البند (بند الملصقات). وكذا عندما يزيد عدد الأنشطة ليصبح 50 ألف نشاط فهذا يضيف إلى الخسارة عشرة أضعاف المخطط من تكلفة الحملة في هذا البند (بند الأنشطة الدعائية). أما الهدف الثالث وهو بدء علاج 5 آلاف مدمن فهو الهدف الوحيد (المنتج الوحيد للحملة). فماذا قال عمرو خالد عن نجاحة في تحقيق هذا الهدف الوحيد لبدء علاج خمسة آلاف مدمن؟ قال أنه تلقى طلبات من 7200 مدمن. إنه، أي الداعية الإسلامي، يتحدث عن طلبات للعلاج، ليخدعنا مرة آخرى.

فما عدد من بدئوا العلاج بالفعل؟ سمعت السيد عمرو خالد يقول للإعلامي أحمد المسلماني، في طبعته الأولى، أن من بدء العلاج يصل إلى 1600 وفي غمرة تهليل الإعلامي الرائع أحمد المسلماني للنجاح .. ضاع هذا الرقم الذي يمثل أقل من ثلث المستهدف! وقال لي أحد أصدقائي أنه سمع أن من بدء العلاج بالفعل هم 1000 وليس 1600 أي خُمس المستهدف. وبحثت عن رقم من بدئوا العلاج على شبكة الإنترنت ولكنني لم أجد أي موقع يتحدث عن هذا المؤشر الذي أظن أنه مؤشر من مؤشرات النجاح المهمة. ولم يقل لنا المحاسب الذي يتقن لعبة الأرقام: هل هذا الرقم في مصر وحدها أم في العالم العربي أجمع؟ وكم نسبة من يتلقون العلاج بالمجان مقارنة بمن يدفعون الثمن الباهظ لعلاج الإدمان؟ وما هي النسبة الطبيعية للتردد على مستشفيات علاج الإدمان قبل البدء بالحملة لكي نحسب عدد من أضافتهم الحملة؟


فهل نجحت حملة عمرو خالد التي شارك فيها الأمم المتحدة وشرطة دبي والعديد من المواقع على الإنترنت والعديد من وسائل الإعلام العربية وشباب مصر المهووس بعمر خالد؟ كل هذا في الوقت الذي يثور فيه شباب مصر من سوء ما وصل إليه ويدعوا إلى مظاهرات سلمية لعلاج مشكلاته من بطالة وفقر ومرض وعنوسة و ...


***

عندما بدئت الحملة لفت نظري الشعار الجميل للحملة - اليد الحمراء (أوقف المخدرات) ورائها التفاحة الخضراء (غير حياتك) وتحتها جملة إنجليزية إستوقفتي، أنا الذي لم يتلقى تعليمه في مدارس أجنبية، لأتسائل هل الحملة موجهة للعالم العربي الذي يتحدث اللغة العربية أم الشباب الأجنبي الذي يعيش في العالم العربي ولا يعرف العربية؟ أم هي منظرة لا تليق بداعية إسلامي! وقد ذكرتني بداعية إسلامي جميل إسمه مبروك يحشر في دعوته الكثير من المفردات الإنجليزية حتى يفهم مريدية. وفي نهاية الحملة الناجحة يحق لي أن أتسائل كم عدد المتحدثين بالإنجليزية الذين بدئوا العلاج من إحمالي الألف مدمن الذي أعلن عنهم عمرو خالد؟

يقول الداعية عمرو خالد:

(لأن المشكلة أكبر منهم، طب الموضوع محتاج إيه؟ محتاج إن الناس تتحرك، محتاج أنتم وأنا، محتاج الشباب يقول: "احنا لازم نشارك في حل الموضوه ده"... ومن هنا جت فكرة حملة "حماية".)

نعم المشكلة يا أستاذ عمرو أكبر من الجهات الرسمية التي لم تستطع حتى أن تقضي على الأمية رغم الملايين التي ينفقونها لمحاربة الأمية.

ويقول الأستاذ عمرو:

(الجهات اللي شغاله في الموضوع ده سواء حكومات، شرطة، أو وزارات صحة، أو جهات توعية.. كل الجهات دي مش عارفة تحل رغم إنها بتبذل مجهود كبير... ليه؟!)

ليه يا أستاذ عمرو؟ هل عرف الأستاذ عمرو خالد لماذا لا تستطيع هذه الجهات الرسمية أن تحل مشكلة الإدمان وانتشارها بين الشباب؟ وهل استطاع أن يحل أستاذنا الفاضل المشكلة في حملته - حماية؟

كنت في يوم من الأيام مستشارا لنظم المعلومات في هيئة الأبنية التعليمية وسمعت من الخبراء أن مشكلة الأمية في مصر ليست في كبار السن الذين لا يعرفون القراءة والكتابة ولكن المشكلة الحقيقة في الأعداد المتزايدة من المتسربين من التعليم في المراحل الإبتدائية والإعدادية. هذا هو الباب الذي يدخل منه الأميون إلى مجتمعنا ولا تستطيع الحكومة أن تقفل هذا الباب بسبب سياستها التعليمية الفاشلة مثلما هي عاجزة عن محو أمية الكبار .. أو ربما هي راضية عن أمية الكبار والصغار. هل عرفت أستاذنا الفاضل عمرو خالد لماذا تعجز حكوماتنا عن حل مشكلة إنتشار الإدمان بين شبابنا؟ ربما تكون راضية عن وجود أكثر من 4 مليون مدمن كما هي راضية عن مجهوداتك الرائعة وأرقامك الكاذبة ودعاياتك التي تساعدك فيها وسائل إعلامهم. المشكلة يا أستاذ عمرو، حلها الأساسي هو قفل الباب الذي يدخل منه المدمنون قبل أن نعالج المدمنين .. فالداخل إلى عالم الإدمان أكثر من الخارج منه. وهذه معركة لا يمكن أن يشارك فيها الداعية الإسلامي الكبير عمرو خالد. ربما لأنها غير منصوص عليها في التوصيف الوظيفي للدعاة الجدد.

أعرف أنني أسبح ضد التيار .. هذا التيار الجارف التي تصب موجاته المتنوعة من دينية وعلمانية - يسارية ويمينية في مجرى واحد هو تخريب مصر ومن حولها من البلدان المنكوبة. فقد أصبحت الخيانة وجة نظر، والعصابات الصهيونية التي سرقت أرض فلسطين دولة شرعية تحميها الأمم المتحدة، وقريبا قد تطالب عصابات المافيا الشهيرة بوطن قومي لها وربما تكتفي بسفارات في البلدان العربية مثل فرسان مالطا الصليبية، وقد أصبحت مقاومة المحتل إرهابا، والخوف الذي تشيعه جهات الأمن أصبح إسمه أمن وأمان، والمد الشعبي وحركات الرفض أصبحت قلة مندسة، والإحتلال أصبح شرعية دولية، والديموقراطية تساند الديكتاتورية، والإحتكار والفساد أصبح فكر جديد. وفي وسط هذه الفوضى، أصر على السباحة، والغريب أنها سباحة ضد التيار، رغم أنني نسيت السباحة منذ أن ابتعدت عن مدينتي الصغير - المطرية دقهلية - على شاطئ بحير المنزلة في الستينات من القرن الماضي.


عزت هلال


Saturday, April 12, 2008

تداعيات الماضي وبداية السقوط


تداعيات الماضي وبداية السقوط

يتساقط المطر بشدة، صوت الرعد موسيقى تصويرية تشيع الخوف، البرق يشق ظلام السحب الكثيفة على فترات غير منتظمة. أقرأ على بريدي الإلكتروني رسالة مفحمة بالإيمان. العالم كله يتحجب ... سبحان الله. عنوان ملفت للنظر والكاتبة طبيبة نبيلة درست علم الحياة، والجماد أيضا. جولة مع هذه الرحلة الإيمانية قد تزيل وحشة الشتاء في غربة أظنها للإستجمام!


ناقلة المحاضرة تبحث عن الأجر. دخلت أجنبيات إلى الإسلام بسبب هذه المحاضرة، ولعل قارئات الرسالة يدخلن أيضا في الإسلام. فلعل هذه الرسالة تزيل ما أصابني من إحباط سببه إرضاع الكبير وبول الرسول. ويقول الأستاذ أحمد حسنين الحسنية أن معدل التحول عن الإسلام سبعة حالات يوميا مما زاد إحباطي. التحول عن الإسلام في مقال أحمد الحسنية كان رصدا لعام 2001 ونحن الآن في 2007 والأخبار تتواتر عن المعدلات الكبيرة للدخول في الإسلام بسبب مقالات ومحاضرات مثل "العالم كله يتحجب ... سبحان الله".

الجمادات تتحجب. السيف ... يحفظ داخل غمده، والقلم .. بدون غطائه، يجف حبره. صياغة شعرية بديعة فالتأثير الموسيقى مطلوب. فالجمادات لابد لها من غطاء ليحفظها وكأن الغمد أو غطاء القلم ليس بالجمادات. وقد يكون من الأفضل أن أغطي هذا المصباح الذي ينير لي لوحة المفاتيح التي تتنقل عليها أصابعي.

وفي عالم الأحياء، تتحجب الخلية، نباتية كانت أو حيوانية. كل خلية لها حجابها الخاص، فلماذا لا يكون للمرأة حجابها الخاص؟ سؤال وجيه فعلا، أما الأوجه، فلماذا لا يكون للرجل حجابه الخاص؟ ويصور أستاذنا الحسنية الحالة " طمر الرؤوس في الرمال". أليس طمر الرؤوس نوع من الحجاب للرجل والمرأة معا. وهكذا تنتقل محاضرة الطبيبة القادمة من الجزيرة العربية بين الكائنات تحدد الأحجبة التي ترتديها. كل النبات يتحجب. البذرة تتحجب بالتربة، "فالبذرة باطن الأرض خير لها من ظاهرها, كذلك المرأة, إن هي لم تتحجب تجلب السوء لنفسها والعار لأهلها.. ويسود الفساد في الأمة ويصبح باطن الأرض خير لها من ظاهره". الجذر عليها قلنسوة، الساق يغطيها طبقة شمعية، والأوراق أيضا. أما عضو التأنيث في الزهرة فيقع في مركز تحيط به الأوراق الزهرية لتحميها. "فإن كان الله عز وجل قد حافظ على عضو التأنيث في مجرد زهرة ما لنبات ما بهذا الشكل .. أليست أنثى الإنسان هي الأجدر والأولى بهذه الحماية؟ وما سبل هذه الحماية؟ وهل أنتِ مجرد زهرة جميلة؟ ".

يتوقف المطر. وأسمع صوت الطيور على الشجرة. أين اختفت هذه الطيور؟ هل تحجبت؟ انتقل بصري من الطيور إلى السماء الملبدة بالغيوم وسافر عقلي بعيدا إلى بداية السبعينات.

كانت الحركة الطلابية في أواخر الستينات وبداية السبعينات في أوج ازدهارها. كل ألوان الطيف تجمعت في الحرم الجامعي. اليسار كان أقوى ألوان الطيف. يقف على مسرح قاعة الإحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة قادة الطلبة من اليسار. لم أعلم أن هؤلاء الطلبة من الكفار إلا بعد أن شاهدت مجموعة من الطلاب المسلمين يمزقون مجلاتهم بأيديهم وملابسهم وجلودهم بالأسلحة البيضاء. أسرة أبناء الريف بهندسة عين شمس جمعت كل ألوان الطيف. اليسار بفصائلة من الناصريين والماركسيين والشيوعيين واليمين من الوفديين والأحرار والإخوان المسلمين فمن أين جاء هؤلاء المسلمون؟

يأتي الطلبة من المعتقلات. يتحدثون عن عملاء الأمن بينهم. كان ردي: وماذا يضيركم من عملاء الأمن؟ هل أنتم منظمة سرية؟ وماذا ينفع تجنيد بعض الطلبة؟ لم نكن نقوم بعمل سري. لم يكن دعوة الشيخ إمام للغناء عملا سريا؟ لم يكن حتى التجهيز لإعتصام أو تظاهر عملا سريا. كان كل المنابر أو الأحزاب متواجدة ولكنها لم ترفع علما وتعلن عن نفسها. هل هذه هي العلاقة السرية التي يبحث عنها الأمن؟ ولماذا تكون هذه العلاقة سرية؟ وهل هي موجودة فعلا. وهل محظور على الطلاب أن ينتمون إلى الأحزاب؟ وهل نشاط الأحزاب داخل الجامعة محظور؟ أسألة حائرة تعبر عن قصور فهمي لظاهرة تجنيد الأمن لبعض النشطاء. ولكنني كنت مصرا على عدم جدواها. فالحركة علنية ولا يضيرها التقارير الأمنية. لم أكن مؤمنا بوجوب التنظيمات السرية مثل أيماني اليوم بحتمية وجود تنظيمات سرية. ولكن العمل السري لا يغني عن العمل العلني. والعمل العلني لا يضيره عملاء الأمن. ولكن إشاعة وجود عملاء الأمن بين النشطاء يؤثر في العمل العلني ويضعف حركة المعارضة السياسية. هذا ما حدث في بداية السبعينات وما يحدث الآن. العقيد أبو زكري، الإسم الحركي لمسئول الأمن عن جامعة عين شمس، نجح في إشاعة الفرقة بنشر أخبار عملائه المزعومين، ونجح في إجهاض الحركة الطلابية بزرع البلطجية بينهم. وقد إزداد اليوم أبو زكري نضجا. البلطجة ليست فقط عنفا جسديا ولكنه عنفا بالكلمة التي لا تعرف العيب وتتجاوز كل حدود الأدب. وقد كانت للكلمة المكتوبة قدسيتها. ولعل سهولة توصيل الكلمة، كميزة للإنترنت، هو ما دفع بكلمات بذيئة، تقال في الجلسات الخاصة، تنتشر بين عموم الناس فضاعت قدسيتها. وقد نتجاوز عن زلة اللسان مرة، ولكن الإصرار عليها لابد له من وقفة. وليس ذلك إهدار لحرية الكلمة. فاللص والمفسد مكانه السجن ولا مكان هنا لدعوة حرية الإنسان فالمريض يعزل والمجرم يسجن، ولابد للبذائة ألا ترى النور. فليست البذائة رأيا يجب أن يحترم وإن اختلفنا معه. وقد دفع حماس أخونا إلهامي الميرغني إلى قول بعض الكلمات الغير لائقة، ولا أقول البذيئة. ولأنه إنسان محترم فقد تراجع على الفور واعتذر وكان اعتذاره مكرمة له وإعلاءا لشأنه وليس ضعفا أو مهانة. لم تتغير مواقف وأفكار إلهامي الميرغني ولكنه حذف بعض الكلمات الغير لائقة ولا أقول البذيئة مثل تلك الكلمات التي تصر على إيذاء مسامعنا منذ فترة طويلة.

لقد انتشرت المدونات، وهذا من دلائل الصحوة. جميع الشباب، وحتى الأطفال والشيوخ، ينشئون مدونات. المسألة لا تكلف إلا الدخول على الأنترنت من أي قهوة بسعر فنجان شاي. الكلمة نور. ولكن إذا انتقل نداء الميكانيكي على صبية إلى صفحات الإنترنت سريعة الإنتشار، فذلك هو الظلام بعينة. وسادت لغة أولاد الشوارع لتكون هي لغة مثقفوا العصر وحاملوا راية التنويير والجهاد. فبدلا من أن نبني بيوتا لأولاد الشوارع ونهذب سلوكهم نسمح لكلماتهم أن تلوث أسماعنا وننعتهم بالمناضلين والمعارضة التي تهاجم النظام الفاسد. أفكار مبدعة في ثوب مبتذل. لغة خطاب ركيكة يسمونها أحيانا بالحداثة، ويسمون الفحش كسرا للقيود وتمردا على المألوف. وليس حجاب العالم بالكلام الممنوع فضحالة الفكر علاجه مبسور أما الإنحطاط يلزمه أنبياء لم يعد لهم وجود.

عزت هلال

سقَط العَلَمْ

سقَط العَلَمْ

زَعَمُوها حَرْبًا ضِدَّ الإرهابِ
سَمُّوها عَدْلٌ مُطْـلَقْ

تفْتَحُ للفِتْنَةِ أبوابً
كانت عنْهم مُغْلَقَةْ

همٌ يصْنَعُ أسْرابً
وتضلُّ النّفْسَ المُرهَقَةْ

فلْيَنْءَ ذَوي الألبابِ
عَنْ شَمْسٍ باتَتْ مُحْرِقَةْ

جَـوْرٌ يَـصْـنـَعْـهُ، أغـْرابٌ
وتَزِِلُّ الـرُّوحِ المـُخـْفـَقـَةْ

خَـوْفٌ ما لَـهُ أسْـبابٌ
لِحَيَاةِ الغَرْبِ المُـقْـلِـقَـةْ

بَطْشٌ ما لَهُ أترابُ
وتَـمِـيدُ صُـرُوحِ الفَلْـسَـفَةْ

صَدَعٌ حطّم البُنْيانَ
نِتاجُ عقولٍ مُفْرَغَةْ

قُدْسٌ، إحْتَلّهُ غَوْغَاءُ
ونُفوسٌ باتَتْ مُـفْلِسَةْ

دَنَسٌ يُلَوِثُ الأجْوَاءُ
وتِيهُ الصّحَراءِ المُقْفَرَةْ

أين رسالات الأنبياء؟
ورحيق الرحمة المنزلَةْ

عزت هلال
الشاطئ الفضي في 7/10/‏2001

• 7/10/2001 هو تاريخ بداية العدوان الأمريكي على أفغانستان.

واحد فقط

واحد فقط

كنا أربعة … واحد طباخ ماهر .. والثاني مهندس .. والثالث عالم .. والرابع سياسي محنك. وضعوهم في الصحراء. أتَعْرفون ماذا فعلوا؟ لقد ناموا جميعا ماعدا واحد. الواحد هو السياسي. فقد كان هناك عملا. يجب أن يقوم به. هذا العمل هو كتابة خطبة حماسية. يقول فيها. أنه شاهد وحشا هائلا. هذا الوحش يطير في السماء. ينفث دخانا ونارا. تَصَارَع معه. كان يناله بقبضة يده! فقد طال صاحبنا .. وطال. وصل إلى عنان السماء. رأى ما وراء السحاب. ظل ينمق وينمق. ويصور ويصور. أتدرون ماذا فعل بعد ذلك؟ لقد غلبه النعاس … ونام … ثم …
أكلوا جميعا أرزا باللبن … مع الملائكة.

عزت هلال
1969

الحكماء الصغار

الحكماء الصغار

السمكة الكبيرة
قالت لسمكة … قد كدة
تعالي نلعب .. نجري
هنا وهنا
قالتْ .. إنت الكبيرة
كوني رزينة مش كدة
راحت تعيسة مكدرة
وبحزن مالي قلبها
قالت ودمعة في عينها
فسدوا حياتنا بجدهم
خلوني أنسي بوم ما جدي قالنا
نجري ونلعب محدش زينا
دي السعادة شيئ ضروري في بحرنا
عزت هلال
حديقة الحرية - القاهرة
الأربعاء 3/ 5/ 1967

عن علوم الشرع

رسالة حب : عن علوم الشرع

أخي الحبيب حســام
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

على أرض الحب وفي ضيافة الشاعر الجميل طارق المملوك نلتقى، نتحاور ونختلف، ويبقى دائما الود. نفرد شراعنا ونبحر في بحر لجي عالى الأمواج فنظل في حاجة إلى ربان يعرف فن الإبحار، فلا نكون كمن قال عنهم رسولنا الحبيب "فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" فظهرنا، سفينتنا التي نبحر بها، يجب الحفاظ عليها. ومن حسن حظنا أن بيننا ربان يجيد فن الإبحار ويجيد فن الكلام. ومن رأيى أننا لا يجب أن نقف كثيرا عند لفظ التحية، فنحن غير مختلفين وهناك عظائم الأمور التي يجب أن تكون لها الأولوية ويعمل لها ربان سفينتنا ألف حساب فصيغة التحية (تحياتي بالجمع أو تحيتى بالمفرد) لن تغرق السفينة وهناك من الأمور التي أغرقت فعلا السفينة تستحق منا كل الإهتمام.


لم يلحظ أخي السندباد قولي "قول البشر" وربما لاحظه فقال:

رأيت أنه يجب احترام آراؤهم لئلا يجترىء الناس على مهاترتهم أو نقدهم وخصوصا فى هذا الزمن الذى لا تعرف فيه أقدار الرجال كما يجب.

أنا معك يا أخي بعدم مهاترتهم، أما نقدهم فهذا واجب شرعي على كل مسلم ومسلمة. فكل البشر غير معصومين وهذا من ركائز الإسلام التي يستحيل لأي مسلم أن يفرغ الإسلام منها.

وهذه من الأسباب الرئيسية لغرق سفينتنا يا ربان.


الأمر الثاني وأظنه أيضا من أسباب غرق السفينة، فكما جاء في رسالتك:

وظن أن العلم الشرعى يجوز فيه ما يجوز فى علوم الفيزياء والكيمياء من ابتكارات وآراء.

فالعلم هو العلم مهما اختلفت مادة العلم، كيمياء ، فيزياء، بحار، أحياء، جغرافيا، تاريخ، أو شرع. فالعلم كما قال علماء المسلمين، ونقل عنهم علماء الغرب، يرتكز على المنهج العلمي للوصول إلى النتائج من المقدمات والعلم منتج بشري يجوز فيه الخطأ والصواب.


فعلم الشرع يشترك مع علم الفيزياء في كونهما علما أنتجه بشر وليس وحيا من السماء. علم الفيزياء مادته الكون الذي خلقه الله ونتائجه قوانين الفيزياء وعلم الشرع مادته الوحي (كلام الله) ونتائجه قوانين السلوك الإنساني وما يجوز ولا يجوز وما يعاقب عليه ودرجة العقاب.


ودعنا نتفكر في الأقوال التالية:

"العلم قال الله قال رسوله أولا ..."

"فمن المعروف أن العلم الشرعى على اختلاف المذاهب بنى على القرآن والسنة والاجماع والقياس والاستصحاب والعرف"



أقول أن العلم الشرعي مثل باقي العلوم من نتاج البشر، تأتي أحكامه بتطبيق المنهج العلمي في استنباط الحقائق. وتختلف العلوم في مادتها فعلم الكيمياء مادتة المركبات المادية وعلم الأحياء مادته الكائنات الحية وعلم الشرع مادته الوحي.

هذا الوحي، مادة علم الشريعة (أو علم الدين عموما) هو ما أوحى به الله المعبود إلى رسول من الرسل لتبليغه للناس. والمؤمن هو من يصدق أن الرسول تلقى رسالة من الله. والكافر هو من ينكر بلاغ الرسول عن الله. هذه الرسالة التي نقلها الرسول للمؤمنين به هي مادة علم الدين (الشرع). وهنا أتفق مع القول (العلم قال الله قال رسوله أولا) بعد حذف أولا. فقول الله الذي أبلغه لنا رسوله هو أولا وأخيرا كمادة بحث لعلوم الشرع والدين. وفي هذا تتفق جميع الشرائع والأديان إلا أن ديننا الإسلامي يختلف عنها في أن رسولنا الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه هو آخر الرسل وبموته إنقطع الوحي وتمت رسالة الله للبشر. وعلى ذلك فمادة علم الشرع ثابتة لا تتغير وقد اكتملت قبل وفاة الرسول صلوات الله وسلامه عليه فلا تزيد ولا تنقص. هذه المادة الثابتة الكاملة المحكمة هي الدين الإسلامي أما علم الدين الذي ينتجه البشر فليس دينا بل إجتهادا بشري شأنه شأن باقى العلوم. ولا أعتقد أن أحدا من علماء المسلمين يختلف معي في ذلك فالجميع يتفق على أنه إذا اختلف العلماء فيردوا الأمر إلى الله ورسولة، وهذه من الأصول المتفق عليها، ويقولون منا يؤخد ويرد ومن صاحب هذا القبر (الرسول علية الصلاة والسلام) يوخذ ولا يرد. أي أن كلام العلماء علما يؤخذ ويرد ومادة هذا العلم وأصله مأخوذة عن رسول الله الموحي إليه فلا يرد وهو ما يقال عنه بالثوابت فلا يصح أن نضيف إلي تلك الثوابت مصادر أخرى ليست وحيا من الله مثل العرف. والمعروف أن العرف متغير وليس ثابت. فالعرف في البلاد الأوربية يختلف عن العرف في البلاد العربية والعرف في المناطق الصحراوية يختلف عن المناطق الساحلية فالعرف متغير مكاني تحكمه البيئة. ولا شك أننا نعرف أن الإمام الشافعي غير فقهه عندما استقر في مصر عن فقهه وهو في العراق. هذا الفقه ليس جزءا من دين الله فلم يكن يوحى إلى الإمام الشافعي ولكنه كان يستنبط أحكاما شرعية تناسب عرف المكان. ويتغير العرف مع الزمن أيضا فهو متغير زماني يتغير مع الزمن. ولو عاش الإمام الشافعي رضي الله عنه في هذا الزمان لتغير فقهه. ذلك لأن فقهه ليس دينا بل علما. ونفس هذا القول يقال عن الإجماع والقياس فهما ضمن منهج علمي متفق عليه. فالقياس أسلوب للوصل إلى حكم صحيح لتشابهه مع حكم منصوص عليه. أما الإجماع فلفظ لا وجود له في حياة البشر، ولم يحدث مطلقا بدليل وجود مذاهب عدة بينها العديد من الإختلافات، حتى داخل المذهب الواحد تتعدد الآراء والرؤى. ولنا أن نلتزم بالأحكام التي يتوصل إليها فكر الإنسان، ليس لأنها دينا من عند الله بل لأنها إجتهادات بنيت على وحي الله سبحانه وتعالى إلى رسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه. ولا نكون مثل من قال الله عنهم:

"اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون"


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عزت هلال

2007/07/24

زفرة غضب

زفرة غضب

أُفٍ لَكُمْ يا شَعْبُ إِنْ تَوْهَنُوا
أقُــوَّةٌ جَـبّــَارَةٍ، تَـهْرَعـــــــوا؟

أمْ ضَعْفَكُمْ يا قَوْمُ، كي تَرْكَنوا؟
لا، إنَّــهـم أعْداؤنا، فاسْمَعوا

جاءوا لِغَزْوٍ غاشِمٍ فافْهَمُوا
للْحَقِ، لا أصْنامَهُمْ تَرْكَعُوا

كُويتُ ذَلَّـتْ يَوْمَ دانَتْ لَهُمْ
لا تَسْمَعُوا أقْوالَهُمْ بلْ وَعُوا

تَـوَحَّدُوا، تَـكَاتَفُوا تَـسْلَمُوا
للْحَقِّ ذودا وَاثْبَتُوا، تُرْفَعُوا

لا تَـتَـباكُوا لا، فَـأنْـتُـمْ لَهُمْ
إِنْ تُوقِظُوا عُقُولَكُمْ، تُمْنَعُوا

آنَ الأوانُ، فــاجْــمَـعُــوا إرْثَــكُــمْ
منْ مجْدِ ماضٍ لمْ يَمُتْ، فاقْنَعُوا

حَضارةٌ قامَتْ هنا لَمْ تَمُتْ
منْ بَرْبَرٍ، حُــثَـالَةٍ، رَعْرَعوا

إن تنصروا الله به تُنْصَرُواْ
فقاتلوا أعدائَكُمْ تُنْصَروا

كونوا مَعاً فَوْقَ المِحَنْ، أبْصِرُوا
شدُّوا عَليْهم بأسَكمْ، يُقْهَرُوا

عزت هلال
القاهرة في 24/ 3/ 2003

غزو ثقافي؟

غزو ثقافي؟

لم ينتهي عصر النبوة!
لَمْ يَأتِ آخِرَ نَبِيْ!
فَخاتَمُ الرّسُلِ قالَ:
الْحِلْمُ جُزْءٌ مِنْ نُبُوّةْ،
فانْبَرَتْ أجْزاءُ تُعْلِنْ:
جائنا في النوم وَحْيٌ، فاسْمَعوا فَرْضا جَديدا قَدْ نساهُ رَبّنا.
ما جاء في القرآن يَنْسُخْهُ النّبِيْ!
صُمّوا عُقولَكُمْ،
أطيعوا العالِمَ الْفَذّ التّقِيْ،
فالله لم يُكْمِلْ لَكُمْ دينا أتَمّه البخاريْ.

***

سَمّوا بِلادَكُمْ بِأسْماءٍ جَميلَةْ،
فَسعودٌ أصْلُها سَعْدٌ أصابَها كِبَرْ.
ألَمْ تَجِدْ مِما أُثِرْ:
أطِعْ وَليّ الأمْرِ فَرْضًا يا ذَوِى الألبابِ مَهْما كان عَبْدًا حَبَشِيْ.

***

لم ينتهى عصر الطفولةْ، يا بَشَرْ.
مِنَ الْجَزيرَةِ اسْمَعوا كُلّ وَصِيْ.
وَلا تَقُلْ:
مَنْ شاءَ فَلْيُؤمِنْ، وَمَنْ شَاءَ كَفَرْ.

***

تَرْضَوْ كَهانَةْ،
لم يُقِرّها نَبِيْ.
تأتوا أمورا يَنْفِها رَبّ النّبِيْ.

عزت هلال
23/ 6/ 2003

جولة ثقافية

جولة ثقافية

ذهبت إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان معي أحد أقربائي الشبان. هذا الشاب طالب في كلية الهندسة قسم اتصالات. وعلم الإتصالات كما تعلم هو علم العصر فقد انتقلنا من عصر الكمبيوتر إلى عصر الإتصالات، هذا ما قاله بيل جيتز. أشهد أن قريبي هذا متفوقا في دراسته، وأشهد أنه على تُقى ووَرع. وطبعا تعرف أن السمة الغالبة على معرض الكتاب في السنوات القليلية الماضية هو كثرة كتب التراث الديني وكثرة الناشرين في هذا المجال. هذا ليس نقدا ولكنه تسجيل لظاهرة. لاحظت النهم الشديد للشاب على اقتناء كتب التراث والأشرطة والاسطوانات المدمجة عن الإسلام واللوحات الفنية للأدعية والآيات القرآنية. عرضت عليه أن نمر ولو مرورا سريعا على الأقسام التي تضم كتب الكمبيوتر والهندسة.

قال لي: هذه علوم الدنيا، ولنا فيها الكفاية فيما نتلقاه في الكلية.
قلت له متسائلا: أوليست الكتب التي تقتنيها من علوم الدنيا؟
فقال بشكل جازم لا شك فيه: لا هذه علوم الدين، علوم الجنة، خيركم من تعلم القرآن وعلمه (حديث لرسول الله صلوات الله وسلامة عليه).

دار بخيالي ما قرأته عن عالم الفيزياء النووية النظرية، الفيلسوف الألماني هيسنبرج. كان هيسنبرج من أروع عازفي البيانو قبل الإلتحاق بالجامعة. كان كل من حوله يتوقع أن يختار دراسة الموسيقى. فاجئهم هيسنبرج باختياره دراسة الفيزياء النظرية. قالت له والدة أحد أصدقائه تعليقا على اختيارة لمستقبله: إن المجتمع يتشكل باختيارات شبابه فمن يختار الفن يجعل المجتمع أكثر جمالا ومن يختار العلم يجعل المجتمع أكثر نفعا. لم أتذكر نص ما قالته السيدة الألمانية ولكننى تذكرت المعنى الذي قصدته وتسائلت ماذا يكون شكل المجتمع إذا اختار كل شبابنا دراسة القرآن؟

نجحت في إدخال صديقي الشاب إلى خيمة الشعر. ومن عادة الشعراء عندما يلقون قضائدهم أن يقفوا وقفة قصير قبل الكلمة الأخير في البيت. سمعت الشاعر ونحن نتوجه إلى أقرب كرسي وعند وقفته نطقت بالكلمة الأخيرة وإذا بها تكون نفس الكلمة التي قالها الشاعر.

قال صديقى الشاب: هل تحفظ القصيدة؟
قلت له: لا، لم أسمع هذه القصيدة من قبل.
قال: فكيف عرفت الكلمة التي ختم بها البيت؟
قلت: لأنني أحب الشعر، أتدبر معانيه وموسيقاه، فتكون توقعاتي أقرب إلى الحقيقة.
سكت برهة ثم قلت له: هكذا كان يفعل الصحابة بالقرآن الكريم.
وقطعت حديثنا إحدى السيدات بنظرة صارمة، فقد تجاوزنا أدب الاستماع بحديثنا القصير الهامس، وعلينا أن نصمت حتى نستمع جيدا للشعر.

نجحت مرة أخرى في إدخال صديقى الشاب إلى القهوة. فأنا رجل عجوز ومن حقي، بعد هذه الجولة المرهقة، أن أستريح وأشرب فنجانا من القهوة وأسحب نفسا عميقا من سيجارة لأطلقة مرة أخرى .. أوووف. وافق صديقي، على مضض، أن يجلس في مكان يكتظ بالفتيات، بعضهن سافرات بشكل مستفذ، وبعضهن محجبات. وكلهن يشربن الشيشة ويتحدثن في كل شيئ.

قلت لصديقي الشاب: هل تعلم أن داروين أطاع الله سبحانة وتعالي؟
نظر إلى الشاب بسخريه، حاول إخفائها من أدبه الجم وقال: كيف يا عمي؟
قلت: قال الله تعالي "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {20} العنكبوت" وقد سار داروين في الأرض وبحث كيف بدأ الخلق. قد يصيب داروين فيما وصل إليه من نتائج أو قد يخطئ ولكنه أطاع الله.

عزت هلال
4/ 6/ 2003