Wednesday, February 25, 2015

السلطة في الإيمان المسيحي


السلطة في الإيمان المسيحي


 
لابد للتعرف على الإيمان المسيحي أن نفرق بين عبارة ملكوت الله أو ملكوت السماوات وبين الملك الزمنى المحدود (الحكم المدني). كان يسوع عليه السلام ينادي بها كحدث متوقع حدوثه في المستقبل، أو ربما يكون الملكوت كان قد جاء فعلا إلى الإنسان بشخص المسيح. وبحسب الإيمان المسيحي فإن السماء أو العالم الروحي تعترف بحكم الله وتخضع له، أما الأرض أو العالم المادي فهي ولوقت محدود بحاجة لمعرفة سر الله لتخضع له وتعترف بملكه.
(رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 1: 13): «الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ،»
(إنجيل متى 21: 43): «لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.»
فالخضوع لملكوت الله يكمن في الطاعة لله تعالى كما تفعل الملائكة في السماء.
(إنجيل مرقص 12:12-17): «ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللّهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ نُعْطِي أَمْ لَا نُعْطِي؟ فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ. فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟ فَقَالُوا لَهُ: لِقَيْصَرَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ: أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ. فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ»
ونفهم من هذا أن من تعاليم المسيح أن الواجبات للدولة مقدسة وضمن الواجب الديني. ولكن كان الأمر للتفرقة بين السلط الدينية ومكانها ملكوت الله في السماء أو في الأرض، والسلطة الزمنية (المدنية) المحدودة ومكانها الأرض فقط. لا يحق للمسيحي مثلاً أن يتمرد على حكم دولته الشرعي رغبة في الثورة والعصيان. ولكنه أيضاً لا يستطيع أن يخضع لأمر الدولة بالكف عن عبادة الرب، والتبشير بإنجيل المسيح؛ لأن شريعة الله أسمى وأعظم وأوجب بالطاعة من قوانين الدولة المخالفة لحكم الله. صحيح أن المسؤولية الروحية هي الصفة الأغلب على العمل المسيحي، قال المسيح:
(إنجيل متى 5: 13) «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. »
على جميع المسيحيين في مختلف ظروفهم أن يعملوا جاهدين في سبيل تقريب نظام دولهم وأسلوبهم مما هو منسجم مع القيم الإلهية للحياة الإنسانية. قال المسيح عليه السلام أنه ما جاء لينقض الأحكام ولكن ليكمل:
(إنجيل متى 5: 17): «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ.»
فأضاف التوبة على كل الأفعال التي تستوجب القصاص فهذا فعل صاحب السلطة أما هو فيوجب التوبة لتطهير النفس فقد قال عن الزانية:
(انجيل يوحنا 8: 7): «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر!»
فلما سألها المسيح عليه السلام أما دانك أحد أجابته:
(انجيل يوحنا 8: 11): «فقالت لا أحد، يا سيد. فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضا»
قال المسيح عليه السلام «اذهبي ولا تخطئي أيضا» فهو لا يملك سلطة الحساب وهو لا يرفضها أيضا ولكن الدين هو التوبة والعودة إلى الحق مرة بل مرات ولعل الله يغفر.
(انجيل متى 5: 44): «وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،»
وهذا هو محور العمل الثقافي لتغيير السلوك الإنساني إلى الأفضل بدون سلطة.
[لاهوت التحرير المسيحي المصري _ https://www.facebook.com/lahot.elta7rer/info?tab=page_info]
فالخلاص يجب ألا يحدّ في عبارات تتعلق بالحياة بعد الموت فقط، لكنه يجب أن يشمل مفهوم ملكوت الله كواقع الآن. هذا الملكوت هو نظام اجتماعي جديد، يضمن المساواة للجميع. هذا المعنى لا يعني تجاهل البعد الأبدي "الحياة بعد الموت"، لكنه يربط الاثنين معاً. وإذا كان التاريخ والأبدية مرتبطين معاً، فإن الخلاص هو التحرك نحو نظام جديد. وبناءً عليه فالمؤمنون مطالبون بمقاومة كل شيء يعارض هذا النظام الجديد.

دعوة للحوار
كل ما أكتبه هو وجهة نظر يمكن أن تكون صوابا أو خطأ وأرجح صوابها ولذا كتبتها وهي دائما معروضة للحوار فإن ثبت خطئها فلا مانع من تصحيحها فلا يوجد أي مقابل لها يمنعني من الأخذ بعكسها. والدين، سواء كان المسيحية أو الإسلام لا سلطة له ولكنه حديث وجداني يغير المجتمع بوسائل سلمية إلى الأفضل. هذه الوثيقة جزء من المؤسسات الدينية التابعة للمجتمع المدني التابع لمنظومة الدولة الحديثة.
عزت عبد المنعم هلال
مقترح منظومة الدولة الحديثة


 
من منشورات
فبراير 2015

 

No comments: